عرف النظام التعليمي بشكل عام والمدرسة العمومية بشكل خاص في المغرب تقهقرا واضحا من سيء الى أسوأ ، وأصبح موضع جدل كبير وشمل انتقادات واسعة . فما هي الأسباب وراء ذلك؟
مستوى التعليم في المغرب لم يعد سرا مكنونا، بل بات واضحا للجميع بعد عدة مهازل، فضمن مقرر السنة الثانية من التعليم الابتدائي في محور “الطفل والحياة التعاونية” فصل “القراءة”، إمرأة مغربية تدعى “للا نمولة”، بقولها “وفي يوم الجمعة، تذهب للا نمولة إلى الحمام تسخن عظيماتها ، وفي طرائف أخرى والتي شهدت انتقادا واسعا بإدخال مصطلحات (الداريجة) لمسمن الحرشة والبغرير…
هذه تبين لنا مستوى المسؤليين عن التعليم هذا، وقد وصفت المدرسة العمومية المغربية بأنها مدرسة ” مريضة مشوهة تعكس غلبة من يدبر في مواجهة من لايملك حيلة”، وهو وصف بالغ الدلالة بالنسبة لمدرسة أضحى أداؤها المختل يجسد كل الأعطاب المجتمعية، هناك إشكال لذى الباحثين في مجال التربية و التعليم و اقتصارهم على قراءات سطحية و لا يلامسون جوهر المشكل تعليمنا. يظل خاضعا لمنظور تقليدي متخلف يتجسد في الحشو و التلقين الجماعي لمعارف و مضامين أكل عليها الدهر و شرب.
تعليمنا يقتصر على الشفوي و الكتابي بالحفظ و الاسترداد، وكأن التلميذ إناء يستوجب ملؤه و تكديسه بالقواعد و النظريات المتجاوزة. تعليمنا لا يعتبر قدرات و مهارات التعلم و لا يستهدف الكفايات، بل يجهلها و يتجاهلها و لا يدري في الفارقية و يعتبر المستوى في القسم بمقاس النقط و التقويم بالنجاح و الرسوب و يجهل مقومات الدعم و المعالجة التي حولها إلى مراجعة و تكرار ما سبق.
لا شك أن هذا راجع إلى نمطية التكوين و انعدام الخبرة و قصور في ابتكار و إبداع نماذج متطورة و مواكبة للعصر. و لا شك أن هذا القصور راجع كذلك بالأساس إلى انسداد عقليات المسؤولين ،و محدودية تفكيرهم في الاكتفاء بالحلول الترقيعية التي تزيد من تردي الأوضاع و لا ترقى لمستوى الإصلاح و التجديد. كذلك من بين الأسباب العدد المهول للتلاميذ في الاقسام مما يطرح علامة استفهام كبيرة.
فكيف تريدون تحسين تعلم اللغات في قسم يبلغ عدد تلاميذه الأربعين، إذ لم نتحدث عن غياب مختبر للغات .كذلك الجانب الأسري والمتمثل في غياب أو تغييب متابعة الأسر لأولادهم ولذلك وجب تفضيل المدرسة الخصوصية التي فرضت نفسها في الساحة التربوية بما حققته من جودة عالية، ومردودية معتبرة.
حتى الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة التعليم بشكل عام، كانوا ينفقون أموالاً كثيرة بدون أي نتيجة أو تحسن يعتمدون نفس المنهجية القديمة والتي أكل الدهر عليها وشرب فجسد التعليم نفسه بات يحتضر ومن سيء إلى أسوأ.
كل تلك الأسباب كانت الدليل على موت المدرسة العمومية بالمغرب، و تراجع جودة المنظومة التربوية كما وكيفا ووظيفة، وتراجع مكانة النظام التربوي المغربي على الصعيد العالمي.