إن قوة وأناقة الشعب والأمة لا تظهر إلا في عز الأزمات، ولعل تاريخ المغرب في مجابهة الأزمات يشهد على أن المجتمع المغربي إستطاع عبر مختلف الظروف تحصين النسيج المجتمعي الخاص به والخروج منها بشكل أكثر قوة وتماسكا، وكباقي الأزمات التي سبقتها، وقف المغاربة قاطبة كرجل واحد بكل فخر ووطنية، وعملوا على تنظيم مبادرات إنسانية متعددة لدعم ومؤازرة منكوبي الزلزال تعبيرا منهم على الأواصر القوية التي تجمعهم.
لقد قام المجتمع المغربي قاطبة في هذه الفترة بتنظيم ثورة تضامنية واسعة النطاق، فريدة في حمولاتها ودلالاتها، قدم من خلالها دروسا في التضامن المجتمعي، فهرع المواطنون في مختلف أقاليم المملكة لمراكز تحاقن الدم للتبرع بدمائهم لمنكوبي الزلزال، والتجند في عمليات الإنقاذ وكل ما من شأنه أن يخفف من حدة الفاجعة، وسارعت قوات الجيش الملكي الخطى للمشاركة في عمليات الإنقاذ وتشييد مستشفيات كاملة المرافق في وقت قياسي، وتنافست ساكنة أقاليم المملكة على تنظيم مبادرات تطوعية لجمع تبرعات عينية ونقدية لفائدة المتضررين من الزلزال تحفزهم في ذلك قيم “تمغربيت” الراسخة بالحمض النووي لكل مغربي ومغربية.
إن التضامن يعتبر قيمة راسخة ومتجذرة في الثقافة المغربية، على إمتداد تاريخ المغرب، وهو الأمر الذي عبر عنه جلالة الملك محمد السادس بقوله: “تاريخ المغرب حافل بالدروس والإنجازات، التي تؤكد أننا نتجاوز دائما الأزمات، بفضل التلاحم الدائم بين العرش والشعب، وبفضل تضحيات المغاربة الأحرار”.
لقد عاد المجتمع المغربي ليؤكد مرة أخرى على تآزره وتلاحمه في المحن والشدائد، وإنسانيته العميقة في مواجهة الأزمات.