كريم(اسم مستعار) أحد ساكنة المنطقة يشير إلى أن “منطقة أنزا فهي محاطة بمناطق التلوث من جميع الجهات، المنطقة الساحلية يوجد على طول خطها الساحلي معامل ومصانع ملوثة، بينما في الجهة المقابلة يوجد “الكاريان” ومقالع الحجارة”.
والمتضرر من هذا الثلوث يضيف كريم “إلى جانب البيئة طبعا هي ساكنة منطقة أنزا وكذا ساكنة حي تدارت بدرجة أولى، إلى جانب ساكنة مدينة أكادير فما يتم تفريغه من طرف المعامل على مستوى البحر يتم جره الى مياه شاطئ أكادير”.
“الغازات السامة أو ما يعرف بـ “وزين السيما” التي تطلقها المصانع كانت تمنعنا من التنفس بشكل طبيعي، فعندما كنت في مرحلة الدراسة الجامعية كنت أنتظر الحافلة وكنت لا أستطيع أنا وزملائي أن ننتظر لوقت طويل بدون أن نضع أيادينا على أنوفنا تفاديا للاختناق بسبب الرائحة الكريهة، والمختلطة بنسبة عالية ثنائي أكسيد الكربون وثنائي أكسيد الكبريت. هذه الغازات تسببت للكثير من الساكنة بمجموعة من الأمراض المزمنة المرتبطة بالرئة (الحساسية، الربو…)”.
وأضاف المتحدث “قمنا بالعديد من الوقفات الاحتجاجات والأسئلة الكتابية الموجهة للمسؤولين، وطالبنا بإرسال لجنة مستقلة للتحقيق في مدى احترام هذه المعامل للحد الأدنى من عدم تلويثها للبيئة، وفعلا هذا ما خرجت به اللجنة. ورغم كل هذا لا زلنا لم نر حلولا حاسمة للحد من هذه الظاهرة، ولا زلنا نرى أن السلطات متساهلة في هذا الأمر”.
كما يشير المتحدث أيضا إلى أن “السلطات العمومية اكتفت فقط بنقل معمل الاسمنت من المنطقة وتم تعويضه بمجموعة سكنية، وبالنسبة لباقي المعامل تم اخبارنا أنه سيتم نقل باقي المصانع فيما بعد وتم تمديد أجل نقلها لعشر سنوات أخرى، الى جانب أنه تم الاكتفاء سنة 2016 بإحداث محطة لمعالجة مخلفات المصانع ولكنها لا تقوم بمعالجة كل المخلفات التي يتم طرحها”.
وفي سنة 2018 اجتمع كل فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة إلى جانب السلطات العمومية بالمنطقة من أجل تخصيص ميزانية لإحداث محطة أخرى تقوم بمعالجة هذه المخلفات، لكن بعد أزمة كوفيد19 تم تأجيل كل شيء ولا زال الأمر كما كان.
وفي تصريح حصري لمصطفى حبش، الفاعل الجمعوي بالمنطقة ورئيس جمعية الديناصور لحماية الموروث الطبيعي أنزا، وأحد ساكنة منطقة أنزا -شمال أكادير-، يقول أن هناك “تلوثا بيئيا وصحيا خطيرا يهدد المنطقة ويعرقل جهود التنمية المستدامة”.
تاريخ تأسيس هذه المنطقة الصناعية يعود إلى عام 1934، ومنذ ذلك الحين إلى الآن، تعاني المنطقة من آثار سلبية ترتبط بنشاط المصانع الموجودة فيها.
وأشار السيد مصطفى إلى وجود مقلع “الكاريان” الشهير في المنطقة، والذي يستخدم المتفجرات والمواد المتفجرة في عمليات التعدين. هذا النشاط يسبب تلوثًا طبيعيًا خطيرًا ويؤثر على البيئة الجغرافية والجيولوجية للمنطقة. كما أشار إلى أن المصانع الموجودة في أنزا تولد مخلفات سائلة تتضمن معامل التصبير والزيوت، وكدا بعض معامل الهيدروكربونات المحروقة، والأسماك.
واستنادًا إلى تصريحه، تمت إزالة هذه المخلفات بطرق غير معالجة مباشرة في البحر، مما يتسبب في تلوث بحري خطير. وأضاف المتحدث، “أن أكبر مصنع للأسمنت في المغرب كان موجودًا في المنطقة لأكثر من 70 عامًا، وقد ساهم بشكل كبير في تلويث الهواء وزيادة تركيز مادة السيليكوز، مما أثر على صحة السكان وزاد من حالات أمراض الصدر وضيق التنفس”.
وأشار السيد محمد أيضًا إلى تأثير المصانع على البيئة البحرية، حيث يتم استخدام مادة تسمى الصودا في بعض المعامل التي تقوم بتصدير الأسماك. تمت إزالة مخلفات هذه المواد السائلة مباشرة في البحر، مما أدى إلى فقدان العديد من الكائنات البحرية المعتادة والتي تشكل جزءًا من التنوع البيولوجي في المنطقة، مثل الصدفيات والأسماك الصغيرة والطحالب.
وأكد السيد محمد أن هذا التلوث البحري والهوائي والبري يعتبر سببًا رئيسيًا في سمعة المنطقة والتحديات الاجتماعية التي تواجهها، وأعرب عن تحمل الساكنة لآثار هذا التلوث دون أي تنمية ملموسة أو تعويضات ممكنة، مؤكدًا أنهم يطالبون بتحقيق المعايير البيئية الوطنية وحماية الساحل والبيئة المحيطة. وفي الوقت نفسه، يشددون على ضرورة أن تلتزم المصانع بتوفير فرص عمل لأبناء المنطقة والمساهمة في التنمية المحلية.
وختم السيد مصطفى تصريحه بدعوة المصانع في منطقة أنزا بأن يتحملوا مسؤوليتهم البيئية وأن يسعوا لتحقيق التوازن بين النشاط الصناعي وحماية البيئة، بهدف تحسين الحالة البيئية والصحية للمنطقة وخلق مستقبل مستدام للجميع.
بالإضافة إلى ذلك، أكدَّ أنه وعلى الرغم من تواجد هذه المصانع ودورها في توفير فرص عمل للسكان، إلا أنها لم تساهم في بناء وترميم المستشفى المحلي أو ملاعب القرب الموجودة في المنطقة.
هذا وسبق أن استجابت الوزارة لمجموعة من عرائض المجتمع المدني وأرسلت مختبرًا وطنيًا لقياس جودة الهواء في المنطقة، ولكن حتى الآن لم تظهر أي نتائج ملموسة لتحسين الحالة البيئية في أنزا. يضيف السيد مصطفى.
يتابع: “وقد تحمل السكان عبء التلوث لسنوات طويلة، وعانوا مع احتقار الأحياء الأخرى نحو المنطقة بسبب الثلوث الكبير فيها. وبسبب هذا التلوث الشديد، أصبحت أنزا منطقة شبه منبوذة اجتماعيًا، حيث لم تشهد أي تطورات تنموية تلائم حاجات السكان.” أو تخدم مصالحهم.