كن سعيدا

وادنون تيفي4 أغسطس 2025
كن سعيدا
كاتب مشاغب

عنوان من كلمتين.. وهو في الحقيقة عنوان لكتاب من كتب التنمية البشرية.. والتي بالمناسبة.. هي من اشد ما “أكره” من بحور ومجالات الكتب.. لما فيها من حلول وهمية سريعة.. مرصعة بقالب علمي زائف.. تعطيك مفاتيح النجاح في طبق زجاجي.. ينكسر أمام أول احتكاك بالواقع المعاش.. ولكن هذه المرة سنستعير منها هذا العنوان.. بما أن المسالة مرتبطة بالسعادة/الفرح..

في إحدى الدراسات الحديثة.. حول مؤشر سعادة الدول والشعوب.. جاء المغرب في مراتب متأخرة.. بل ومخجلة.. الرتبة 112.. رتبة لا تنافسنا فيها إلا الدول التي لا تذكر إلا مرادفة للحروب والمجاعة والكوارث والتخلف والديكتاتورية المطلقة.. هذه الوضعية تجعلنا نطرح سؤال.. لماذا نحن غير سعداء؟؟.. وعلى الأصح.. هل كل المغاربة غير سعداء؟؟ أكيد لا..

في صغرنا.. درسنا في حصة اللغة العربية.. نصا نثريا ملخصه أن السعادة لا ترتبط بالمال.. فالغنى والجاه والنفوذ لا يصنع لك السعادة.. وكدليل في القصة.. أن الاسكافي وابنته كانا أكثر سعادة من الغني وعائلته.. ينامان قريري العيون.. بينما من يملك المال في القصة حياته كلها مشاكل وعذاب.. الله أكبر.. وكأن واضع هذا النص في المقرر الدراسي.. يعد جيلا ناشئا على الزهد في المال.. لأنه يعرف مقدما أن القادم من الأيام “اسود من الخروب” على قول إخواننا المصريين.. فهل صحيح أن السعادة لا ترتبط بالمال.. ولا بشيء محدد.. ممكن.. فالسعادة تبقى واقعا نسبيا مرتبطت بالفرد أكثر من المجتمع.. فلكل واحد سعادته.. فهناك القنوع الذي يشعر بالسعادة لمجرد انه وجد ما يأكل ويشرب.. وهناك من يربطها بالعمل بعد بطالة قاتلة.. أو العثور على زوج مثالي يدخل البيت بعد صلاة العصر ولا يغادره أبدا..و..و.. فقيمة السعادة ترتفع.. إذا ارتبط تحقيقها بأشياء بسيطة.. مفرحة..

– السعادة هي تحية طيبة يتركها صديق لك.. أو كلمة حب تجدها صباحا في هاتفك الشخصي..
– السعادة هي أن تسمع صوت أصولك.. فتعرف أنك قوي بما فيه الكفاية لمواجهة متاعب الدنيا..
– السعادة هي أن أسال ابنتي عن أمور تخصها.. فأجدها في خير النعم.. فنحمد الله معا..
– السعادة هي أن أصلي الجمعة.. وندعو جماعة مع الإمام أن ينصر الله الإسلام والمسلمين.. غزة والفلسطينيين.. ويشتت الكفار والنصارى والعلمانيين.. ونقول كلنا آمين.. ثم نهرول لقصعة الكسكس وأكواب اللبن..
– السعادة أن أسوق سيارتي في طريق خالي من الحمقى والعدوانيين..
– السعادة أن تنتصرالبارصا.. فأقضي نهاية أسبوع مثالي..
– السعادة أيضا أن يسجل المنتخب هدفا.. فنهتز جميعا فرحا.. قبل أن نستقبل هدف التعادل ثم هدف الخسارة..
– السعادة أن أنهي دوامي في العمل.. وأعود إلى المنزل دون أن يرن هاتفي إلى اليوم التالي..
– السعادة أن احصل على كتاب نادر قرأته في الإعدادي.. وطالما حلمت بالعثور عليه مرة أخرى..
– السعادة أيضا أن أقف كل مرة وسط مكتبتي لأعيد ترتيب الكتب.. التي سعدت ببعثرتها سابقا..
– السعادة أن تسافروا.. ترحلوا.. تبتعدوا كلكم.. إلا أنا.. لأستمتع بالوحدة.. وبرؤيتكم محتجين متذمرين من الازدحام والغلاء وجشع أصحاب المحلات..
– السعادة هي المغامرة في شراء “بطيخة”.. والمراهنة على حلاوة مذاقها.. والنجاح في الرهان عند تذوقها..
– السعادة هي مجالسة امرأة.. جميلة.. وهادئة.. رفقة فنجان قهوة وسيجاة لها.. و”براد شاي” لي.. لا نتحدث إلا قليلا.. لان لغة الكلام تعطلت بالحب..

فالسعادة هي.. وهي .. وهي.. فقط مطالب بسيطة.. لخصها منشور قرأته سابقا على الفيس بوك.. “السعادة هي الحب والحبة/المال وحبوب منع الحمل”.. صحيح.. والحمد لله على نعمة السعادة.. أتحدث عن نفسي.. وما دمنا في نتائج الدراسات.. دراسة أخرى تقول أن الإنسان كلما اقترب من الموت.. أحس بالسعادة أكثر.. هي إذن الأرض تنادي.. والقدر يحكم.. فوصيتي أن تكونوا سعداء رحمكم الله..

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.