ما بالنا كل عام على هذه الحال.. نحتج.. نعترض.. ونستنكر.. كلما سمعنا خبر العودة لتطبيق التوقيت الصيفي.. الذي تمغرب عندنا فأصبح بقدرة قادر.. التوقيت الرسمي السنوي.. إلا رمضان.. وبعد ذلك الكل يعود لحال سبيله.. وننسى أو نتناسى الأمر.. ونضرب موعدا جديدا للقاء والاحتجاج عند نهاية رمضان القادم.. وهكذا دواليك.. تعاقب المسؤولون.. والمفسرون.. والمادحون لهذا التوقيت.. ولكننا شعب لا يعرف مصلحته.. شعب “راسه قاصح”.. فالحكومة لا تريد منا إلا أن نتعلم نظام “الفياق بكري.. والنعاس بكري”.. لما في هذا النظام من فوائد جمة يجهلها الكثير منا.. ولا تعلمها إلا هي.. فوائد صحية واجتماعية.. هي التي تعرف أن علاقتنا دائما متوترة مع الوقت.. لا نعرف التعامل معه.. لا نحسن استغلاله.. فاشلون في تربية أطفالنا.. ونشتكي من معاناتهم من قلة النوم.. والمشكل أننا -حسبهم- نحن من عليه أن “يجمع ولاده من الزنقة بكري باش ينعسو فالوقت ويفيقو فالوقت.. ماشي كلشي نلصقوه فالساعة الجديدة”.. فكانت زيادة ساعة على ساعتنا القانونية.. نحتسبها زيادة رزق ويمن وبركة.. عسى ولعل البعض منا يستغل الوقت أحسن استغلال.. مع أن المثل المغربي يقول “الزيادة من راس الحمق”.. والصراحة في هكذا زيادة.. يصعب تحديد من الأحمق منا..
كان النقاش الغالب في الواقع كما في الافتراضي.. عن الصحة والتعليم والأسعار و..و.. ولكن اليوم “هبط النيفو”.. أصبح لا صوت يعلو على صوت “الساعة القديمة ولا الجديدة”.. كأننا مع إعادة تطبيق لحكاية ذلك الساكن في غرفة ضيقة.. لما طالب ببيت محترم.. “زادو ليه معزة فالسكن”.. فأصبح يطلب “السلة بلا عنب” كما يقال.. يترجى أن ترحل المعزة.. ويتمتع بمفرده بالغرفة الحقيرة.. فهكذا هي جل الحكومات.. خصوصا التي لا تستشير شعوبها.. أو لا تتماشى قراراتها مع الصالح العام.. من منظور الجماهير.. التي لا تطبق مبدأ “لي بغاها الشعب هي لي تكون”.. سياسة المعزة عندها هي خطة ناجعة للتحكم في سيكولوجية الجماهير.. وتحويل الأنظار نحو الأصبع.. عوض مشاهدة القمر.. “اضرب الحمار على التبن حتى ينسى الشعير”.. تسلط الكاميرا على زاوية.. لتشغله على باقي الزوايا.. وهي في الغالب الزوايا التي تداري كل سوءاتنا النتنة.. “على رقبتكم دابا واش هذا موضوع يستحق الأولوية عندنا؟؟”
في السيرة.. يروى أن صحابيا سأل الرسول عن الساعة.. متى تقوم الساعة.. وأعاد السؤال.. وكرر وألح في طرحه.. وليقفل الرسول معه الخط كان الجواب.. “الساعة لله”.. والأمر نفسه نقوله اليوم.. لا داعي لان تضيعوا مجهودكم مع “المعزة”.. فلحسن الحظ هناك رمضان الذي يعيدنا إلى “الساعة القانونية”.. ويمنحنا فرصة لنعرف مدى حب مسؤولينا لنا.. وحرصهم على راحتنا.. والاهتمام بمشاعرنا ورغباتنا.. فكم نحن سيؤون..أو كما قال احدهم.. وهو من علية القوم.. نحن قوم مصابون بمرض “الفشوش في الانتقاد والاحتجاج”.. في أوروبا تتم إضافة الساعة دون أن يعلم احد بذلك.. ماذا سيقع إن استيقظت الرباط حين تشرق الشمس في باريس.. لا شيء.. “الله يجيب غير الصحة والسلامة”.. قدموا ساعاتكم أو أخروها.. ليس هذا المهم.. فالأهم هو أن تستمتعوا بوقتكم..