كل رمضان ومسلسلاتنا بخير

وادنون تيفي25 مارس 2025
كل رمضان ومسلسلاتنا بخير
كاتب مشاغب

جاء رمضان.. أو بالأحرى لنقل هو في خطواته الأخيرة.. ويستعد للملمة أشياءه.. والمغادرة مأسوفا على أيامه الجميلة.. وككل سنة.. يكثر الحديث عن المسلسلات والدراما الفنية.. التلفزة.. الإشهار.. التمثيل والممثلين.. وطبعا يكثر النقاد.. وتنتشر اللازمة الشهيرة.. “آش هاد الحموضة”..

الكل يحتج ويستهزئ و.. ويتفرج.. الكل ضد.. والقلة القليلة مع.. وهي آراء في الغالب تنبني على نظرية دونية لكل ماهو ثقافي أو فني في المجتمع.. واعتبار أن ما يصرف من الميزانية العامة في هذه المجالات هو فقط ضياع وتبدير للأموال.. في جهل أو لنقل تجاهل تام لما للفن من دور في تعزيز القيم لدى الأفراد.. وبناء ارث فكري وحضاري يعبر عن المرحلة.. مع ما لذلك من انعكاس ايجابي على تنمية الذوق العام للمجتمع.. وضمان مواطن ذو تكوين سليم.. دون نسيان أن تلك الانتاجات تكون وسيلة للتفاخر.. فكم من الدول لا تعرف إلا برموزها الفنية والفكرية والثقافية.. بل وصل الأمر إلى أن أصبحت المسلسلات والأفلام تعتبر نوعا من المنشطات السياحية.. وسيلة إشهار راقية لترويج المنتوج السياحي لبلد ما.. كتركيا مثلا..

على العكس عند بني جلدتنا.. فنحن المغاربة “ديما كنهرسو أي حاجة زوينة فينا”.. نقتل الإبداع ولا نشجع الجديد.. فقط ننتقد.. انتقاد غير بناء.. في الغالب فيه تعميم غبي.. وتجاوز لكل الايجابيات والتراكمات التي يعرفها الميدان.. تقييم يقوم على المقارنة مع الانتجات الأجنبية.. القائمة على ميزانيات ضخمة.. حيث لا مجال للمقارنة.. كما يقوم الهجوم أحيانا على حجة ان هذه الأعمال الدرامية ما هي إلا تنويما للشعب لإبعاده عن واقعه.. والعكس هو الصحيح.. السيناريوهات غالبا ما تحكي الواقع المغربي بطريقة جميلة.. أكيد هناك أخطاء.. وهذا عادي جدا.. ولكن يجب تشجيع كل المحاولات إذا أردنا الوصول مستقبلا.. ومضاهاة الانتجات العربية على الأقل.. الكل عنده تعطش للمنتوج المحلي.. يتابعونه بشوق وأمل دائما أن يكون في المستوى.. نحب سماع الدارجة المغربية على الشاشة.. حيث يكون الإحساس بالقرب والحميمية أكثر.. ولن يتم ذلك إلا بالتشجيع أولا.. وجودة الإنتاج ثانيا.. فتدهور الصناعة الفنية المحلية.. يقطع حبل الود بين المواطن وتلفزته.. والنتيجة الهروب إلى القنوات الأخرى.. مما يولد عندنا مغاربة بشخصيات مركبة نصفها مغربي.. ونصفها الآخر تركي أو سوري أو كوري أو مصري أو غربي.. “كل واحد وفين كيلقى راسه هارب”.. بل البعض تضاءلت عنده الهوية المغربية أمام الهويات الأخرى المستمدة من المادة التي يشاهدها..مع ما لذلك من تأثير على السلوك والممارسات اليومية..

والمفارقة أننا دائما نتذكر بأسى وحسرة.. فن زمان.. ممثلي زمان.. ومسلسلات زمان.. كأننا في الماضي كنا نصول ونجول وسط الأمم بفننا ومسرحنا.. والحال أننا لا نكاد نبرح مكاننا.. فماضينا الفني الذي نمدحه الآن.. ونفترض أن يكون مرجعا لفننا الحالي.. كنا ننتقد هزالته الفنية أيضا فيما مضى.. فالمغربي عنده عقدة قول “هادشي زوين”.. إلا فيما ندر.. لا يعترف بقيمة الشيء إلا بعد زمن.. خاصة أن شريحة كبيرة منا للأسف هي دائما ضد الفرح.. ضد التسلية.. والبهجة.. “النشاط”.. وكل ما هو جميل.. ديدنها العبوس والكآبة والغم.. نبراسها الخالد “شهر رمضان راه ديال الصيام والتراويح وقيام الليل.. ماشي ديال التلفزة والمسلسلات والفراجة”.. شكرا للنصيحة.. والحمد لله في المغرب.. المساجد مملوءة.. والمقاهي مملوءة.. “وكل واحد فين دار راسه يلقاه”.. ولا مجال للعب دور التقية عندنا.. ومن الاحسن “طفي التلفزة وهني راسك ورتاح من الصداع..وخلينا حنا نتفرجو.. بغينا حتى حنا نفتاخرو فالفن ديالنا”..

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.