سيدتي العطلة..لا تكلميني

وادنون تيفي1 فبراير 2025
سيدتي العطلة..لا تكلميني
كاتب مشاغب

ارتبطت العطلة في المتخيل التعليمي من تلاميذ/وأساتذة.. ومن خلالهم بقية الأسر.. ارتبطت بالسفر.. كان الكل ينتظر الإجازة .. طالت مدتها أو قصرت.. لزيارة الجد والجدة في “العروبية”.. لتقضية أوقات راحة “بيليكي”.. وصلة الرحم.. بالنسبة للكبار.. وتجديد التواصل مع أتراب العائلة للصغار.. مع تأجيج حمى حب طفولي مفترض في مثل هذه الزيارات.. تكون العطلة فرصة للقاء العشاق وتجديد العهد بالوفاء والإخلاص.. حب في الغالب ينتهي حيث بدأ.. يتحطم على صخرة الواقع المر.. حيث تتزوج الفتاة وتلد نصف دزينة أبناء.. بينما الفتى لا زال يتخبط بتوهان أولى خطواته في الحياة بعد التخرج.. نعود للعطلة.. والتي كما قلنا كانت مرادفة للسفر.. تطورت الحياة.. وتغيرت الظروف.. وبدل أن نسافر عند الجد والجدة.. هم من سافروا إلينا.. سفر دائم.. استقروا معنا.. واتخذوا من المدن مقرا ومسكنا.. ففقدت العطل “الصغيرة/البينية” حلاوتها بهذا المستجد.. وأصبح التفكير في السفر مرادفا لخلق مصاريف إضافية وثقوب جديدة تثقل الميزانية العاجزة أصلا عن تامين تكاليف الحياة المفروضة.. فكيف السبيل للتفكير في النافل منها.. فأصبح من المضحك.. بل على الأصح من المبكي.. أن تسأل صديقا أو فردا من العائلة عن العطلة.. أو أين ستقضي العطلة.. فغالبا سوف يرميك بنظرة تشي بشعوره أنك ربما تعيش خارج سياق الزمن والمجتمع.. والرد سيكون.. “كون تحشم.. على آشمن عطلة كتكلم آسي محمد”.. لقينا حتى ما ناكلوا عاد نفكروا فين غادي ندوزو العطلة”.. ويختم الجملة بابتسامة ساخرة تختصر الوضع الذي لا يحتاج لشرح..

هكذا وجد صبيان الجيل الحالي أنفسهم مجبرين على الدخول خلال العطل في “حجر اختياري”.. أيامه شبيهة بغيرها من الأيام.. لا تميزها إلا ممارسة رياضة النوم حتى الظهر.. ومن تم مصاحبة شاشات هواتفهم النقالة حتى الفجر الموالي.. وفي الأخير يصدرون تصريحهم الشهير “دغيا دازت العطلة.. ما حسينا بيها”.. كيف سيشعرون بها.. وكلمة “تغيير” غير واردة بتاتا في برنامجهم لها.. العطلة خلقت للراحة حقا.. ولكن “بزاااف على هاد الراحة”.. ليس إلى درجة الملل.. ولكن ما باليد حيلة.. وفوق طاقتك لا تلام.. رب أي أسرة متوسطة منا.. بمجرد دخول سنة جديدة.. يتلهف لإلقاء نظرة على “الكالوندريي”.. ليس حبا فيها.. ولكن فقط لمعرفة تواريخ العطل.. ودخول رمضان والأعياد.. والمناسبات الأخرى.. ومدى تزامنها مع موعد الراتب الشهري والأجرة.. لضرب أخماس في أسداس.. وحل المعادلة التي هو نفسه يعرف انه سيفشل في حلها ككل سنة ..

لهذا.. فأحسن اختيار.. هو قضاء “كونجي” بيتوتي فرضته الظروف.. وتطبيق مقولة أحد وزراءنا السابقين الأجلاء.. الذي نصح المغاربة “بالالتزام بالمنازل.. وتجريب السفر داخل الذات”.. وياله من سفر.. المتعة فيه مضمونة حسب السيد الوزير.. الذي.. ويا حسرتاه كان يتكلم عن جد.. ويضيف أن الكثير منا لا يتمتعون بما يكفي بمقر سكناهم.. والعطلة فرصة للتمتع به.. وتجريب هذا النوع من السفر.. وتوفير ثمن الفنادق والبنزين والنفقات المكلفة.. أي إذا شعرتم بالممل.. وأردتم تغيير الجو والترفيه.. ما عليكم سوى أن تغمضوا أعينكم وتسافروا.. وتسرحوا في أنفسكم.. وإذا ضاقت عليكم.. هلموا إلى السفر بين غرف بيوتكم.. فهي لن تكلف شيئا مقارنة بغرف الفنادق.. وهكذا.. “ملي يطلع ليك الزعف وتبغي تبدل الجو وتسافر.. ضرب لك دورة فالصالون -إلى عندكم-.. من بعد سير لك لكوزينة.. تطلع لك الكوزينة فراسك.. خصوصا إلى لقيتي الثلاجة كتصفر.. دخل لك للطواليط شوية.. وملي تعيا من البروك طلع للسطح تشمش.. وعنداك تفكر تلوح راسك منه بالفقصة.. المهم كلشي يتكمش فالدار.. وها العار غير نخرجو تعادل مع الشهر”…حقا.. شر البلية ما يضحك..

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.