جاء ديسمبر .. بل بالأحرى شارف على الانتهاء ..وبدأ في جمع بقايا أيامه وساعاته القليلة الباقية..تاركا وراءه ذكريات شهر وسنة ليست ككل السنوات.. حلوة.. لا ادري.. ربما.. الشيء الأكيد انها ارتبطت بالصراع.. بالحرب.. الدم.. اليأس.. الغموض.. وكل ما هو سلبي.. لا احد راض على وضعه.. ترحل وتسلم مفاتيح أيامنا القادمة لسنة أخرى المتوقع انها تريد ان تلعب نفس لعبة من سبقتها.. ولكن طبعا لقد استوعبنا الدرس.. بل ثملنا من كاس هذه السنون الأخيرة.. واكتسبنا جرعة من المناعة الزائدة امام أي مصائب جديدة.. لا خبر جديد يمكن ان يصدمنا.. بل الصدمة ان نعيش يوما او يومين دون كلمة عاجل بالأحمر العريض مسطرة على شاشات محمولاتنا.. والخاسر الأكبر في هذه المرحلة هم الرومانسيون منا.. الهادؤون.. الذين يركنون للوحدة ويعطون لكل لحظة حقها في الحياة.. كان ديسمبر بالنسبة لهم شهر الحب.. التميز.. التعبير عن الوجود.. السفر واكتشاف الجديد.. بعيدا عن جلبة الصيف وكثرة مريديه.. ولكن شهرهم هذا اصبح مختلفا.. بلياليه الطويلة المحملة بنسمات هواء بارد بدون طعم …وأمطار أبت الا ان تساهم في هذا المشهد القاتل بغيابها الأليم.. اذا هي ليالي يمكن ان تصل حد اكتئاب يبشرك ويقول لك انا سيد المكان.. لا عزاء للأغلبية سوى صوت مطربي الزمن الجميل بترانيمهم الرائعة التي تفوق مددها الساعة والساعتين.. تساعد على تزجية وقت ثقيل الظل على نفوسهم الحساسة أمام كل تغيير..
كان ديسمبر الشهر الأقرب للجميع.. فيه تنتهي كل الأوجاع.. ووسيلة لإيجاد النفس من جديد.. وأملا في دخول سنة جديدة تشرئب لها كل الأنظار.. بغية الوصول الى كل او بعض المنايا.. ولكنه ها هو صار شهرا ككل الشهور.. لا ندري اين الخلل.. كما قال الشاعر نعيب الزمان والعيب فينا.. ولكن هيهات ان تنل منا هذه الصروف شيئا.. لا والف لا.. سنظل صامدين امام تكتل المحن.. حاملين بين طيات قلوبنا املا في غذ افضل.. محافظين على شعار “ديسمبر الحب والحب ديسمبر”..