أعطني “مدونتي” أطلق يدي

وادنون تيفي25 ديسمبر 2024
أعطني “مدونتي” أطلق يدي
كاتب مشاغب

إذا كان للزواج من هدف ورغبة .. فهي “الشعور بالسعادة..والبحث عن السكينة النفسية”.. جملة صغيرة جامعة مانعة لبقية الأهداف الأخرى.. تفتح القلب والروح على خوض المغامرة.. والتوكل على الله.. واصطحاب الأهل والأحباب لإكمال الدين.. والظفر بالزوجة الصالحة.. وخلط زيت ودقيق العائلتين.. لخلق أسرة جديدة.. تنمي المجتمع..وتستمر الحياة.. ويبتدئ المشوار.. وآه يا خوفي من آخر المشوار.. على قول مطربنا الشهير.. ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فالزواج بهذه الصورة أصبح ضربا من الخيال.. لا يناله إلا ذو حظ عظيم.. خصوصا مع تطور وعي المجتمع -لا ندري للخلف أو للإمام- .. وتغير النظرة للزواج .. وأساسا الشروط الواجب توفرها في شريك الحياة.. على ذكر هذه الشروط.. أتذكر أواخر الثمانينات.. والتسعينات.. كانت بعض الصحف والمجلات تحرص على إفراد ركن فيها خاص بالزواج.. فكنت تجد من تكتب “ابحث عن زوج ثري حنون”.. “ابحث عن زوج موظف يقدر الحياة الزوجية”..”أنا فلان من الدار البيضاء العمر 35 سنة ابحث عن زوجة سمراء متوسطة القامة ربة بيت تتقن فن الطبخ تقبل العيش مع عائلتي”…”شاب من أصول أمازيغية يبحث عن زوجة شلحة موظفة بالقطاع العام لا تتجاوز 28 سنة”..”محمد أستاذ من العيون ابحث عن زوجة من أسرة محافظة تشتغل بقطاع التعليم أو الصحة”.. وهكذا دواليك.. طلبات زواج لأناس واقعيين وبرغماتيين.. يعرفون بالضبط ما ينقصهم وما يريدون في الشريك المستقبلي.. حاليا تغير الوضع.. وأصبح الكل يبحث عن الزوجة الصالحة.. والزوج الصالح.. الجميع يطلب الصلاح وكفى.. مصطلح فضفاض.. لا احد يعطي تفاصيل تحقيق هذا الصلاح.. “الله يرزقنا الزوجة الصالحة”.. الصالحة لمن؟؟ والصالحة لماذا؟؟ فالصالحة للبعض هي البكر البتول صاحبة الصفحة البيضاء “بلا ماض”.. وللبعض الآخر هي من تنجح في اجتياز امتحان الصبر والجلد أمام نكد أمه الحنون.. وسلاطة لسان أخته المصون.. وطلبات أبيه المبجل.. وعند طائفة ثالثة .. هي من توقع صك الاستسلام الأبدي لفقره وعوزه دون اعتراض أو احتجاج.. وإذا من عليها الله بوظيفة أو حرفة.. فهي ملزمة بتقديم راتبها أخر كل شهر لزوجها المعظم.. عربونا عن المحبة الصادقة وتأكيدا لأواصل الحب الذي يجمعهما.. فهذه هي الزوجة الصالحة التي يبحث عنها جيلكم هذا.. زوجة بدون استقلال مادي.. وعلاقة مبنية على الحاجة والتبعية.. وهو الشيء الصعب التنفيذ في الكثير من الزيجات حاليا.. خاصة مع تحقيق العديد من النساء لكينونتهم المادية والمعنوية.. مما يؤدي إلى القدرة على الثورة والانعتاق من سيطرة الفكر ألذكوري التقليدي/الرجعي.. وبالتالي الخروج من جلباب الزوج الذي يجد نفسه مهددا بفقدان مكانته الاعتبارية اسريا واجتماعيا.. مع ما يمكن أن يصاحب ذلك من العجز المادي والعاطفي والجنسي أحيانا.. وهذا ما يحرك جينات الاحتجاج عند البعض أمام كل اجتهاد آو مبادرة للتغيير.. لان الوضع الحالي يحمي نقط الضعف لديهم.. فالهدف من الصراخ والاعتراض ولعب دور الضحية.. ليس حماية الأسرة أو الدين كما يدعون.. بقدر ما هو الخوف من فقدان امتياز تاريخي وهمي امتلكه الرجال عندنا فقط وحصرا بالجنس -لأنهم ذكور-.. خصوصا مع ارتفاع منسوب الإحساس لديهم أن فاقد الشيء لا يعطيه.. ولا سبيل للسيطرة وجعل المرأة “تحت الصباط” إلا باستمرار الوضع على ما هو عليه.. وجعل وضع زوجته.. مثل أمه.. وجدته.. وجدة جدته.. اللواتي عشن –حسب تفكيره المقزم- معززات مكرمات.. كيف؟؟ لا ندري.. معززات وهن قد عشن ظلما أسوء مما تعرض له السود زمن العبودية.. تولد الأنثى منهن وفي صحيفتها أنها ستعيش أمة حتى تموت.. عن أي عز أو كرامة يتحدثون؟؟

الحمد لله على نعمة العقل والتنور عند البعض منا.. وسياسة عدم السقوط في بحر الشعبوية والعاطفية والاستسهال.. وإلا كنا ذهبنا إلى الهاوية.. وإجمالا.. بالمدونة أو بدونها.. المرأة/الأنثى/الزوجة عندنا “ما مفاكاش”.. حطمت المرآة العاكسة لماضيها إلى غير رجعة.. جيل المثقفات.. المفكرات.. جيل التيكتوك والانستجرام.. جيل الحرية والانعتاق وحب الحياة.. وهذا ما يجب على التكتل التقليدي/المحافظ استيعابه وإدراكه.. لخلق الاتحاد والتكامل.. وربح معركة الحضارة والرقي..ووأد الخلاف والشقاق.. بدل وأد البنات كما فعل الأجداد.. والوأد ليس بالدفن فقط.. فكم من أنثى وئدت وهي على قد الحياة..

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.