تنطلق اليوم بتل أبيب محاكمة بنيامين نتانياهو على ذمة قضايا فساد وجهتها له هيأة المحكمة منذ فترة طويلة، وقد تأخرت بسبب الحرب على غزة والتي يتعمد هذا الصهيوني تمديد فترتها لتأجيل محاكمته قدر المستطاع .
لكن إسرائيل ديمقراطية وكل مواطنيها سواسية أمام القانون، ولا فرق فيها بين رئيس وزراء او مواطن بسيط، لذلك فقد حان وقت مثول نتانياهو أمام مطرقة القضاء رغم محاولاته المتكررة التحايل مستغلا حربه ضد الفلسطينيين .
وطبعا حضر هذا الصباح رفقه ابنه وعدد من وزراء حكومته فضلا عن اعضاء من الكنيست الإسرائيلي، كما حضر عدد كبير من وسائل الإعلامية وطالبوا هيأة المحكمة بالسماح بالبث المباشر لاطوارالمحاكمة لكن القضاة رفضوا .
جلسة محاكمته تجري بقاعة تحت الأرض كما ذكرت جريدة معاريف، وهذا القاعة معروفة بكونها تستقبل فقط كبار المجرمين، وسبق ان احتضنت محاكمة رؤساء منظمات إجرامية كبرى بالكيان المحتل .
وقد التحق نتانياهو بمكان المدعى عليهم مؤازرا بمحاميه بعدما غادر المصورون قاعة الحكم حيث رفض تصويره كمتهم، وبدأ كلمته بالقول : “انتظرت ثمان سنوات من اجل هذه اللحظة لأقول الحقيقة” .
يذكر أن نتانياهو يدلي بشهادته لأول مرة أمام المحكمة الجنائية ولم يطلب استقالته كما فعل ايهود أولمرت أثناء فترة محاكمته، مع أن بقاءه او مغادرته للحكومة لن يغير في الأمر شيئا فإذا تمت إذانته لن ينفعه منصبه .
رأسه مطلوب دوليا وكذلك بقلب اسرائيل، فقد أصدرت مؤخرا المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال في حقه وأيدتها العديد من الدول وتنتظر زيارته الميمونة فقط لتقوم بالواجب .
ضحاياه كثر وقد تم تصنيفه كمجرم حرب وجب عقابه بعدما انهالت الدعاوى ضده فضلا عن المطالب الجماهيرية في كل المظاهرات وهذا ما أكدته المحكمة الحنائية الدولية، لذلك فالعقاب ينتظره سواءا داخل الكيان أو خارجه .
فداخليا، اتهمته وسائل الإعلام بمحاولة تأجيل وقوفه امام القضاء بكل الطرق، أكد أمس للصحافة انه لا يريد التهرب من هذه المحاكمة لأنه يريد إثبات براءته وقد انتظر هذا الموعد منذ سنوات .
محاكمته ساخنة بامتياز، كيف لا و أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى غزة حجوا بكثافة للتظاهر ضد سياسته ومطالبته بإيجاد حل لذويهم الذين احتجزهم حركة حماس. والمظاهرات ضده وضد سياسته تملأ الشوارع بشكل يومي .
هناك أيضا أنصاره الذين ملؤا جنبات المحكمة ويهتفون بشعارات مؤيدة له مثل “نتانياهو ، الشعب يدعمك” كما أن بعض وزراء حكومته قال بالحرف :”لماذا الإصرار على محاكمته في هذا الوقت بالذات الذي يقع فيه الكثير على عاتقه”.
محاكمة هذا السفاح نستشف منها الكثير من الدروس والعبر، والرسالة موجهة طبعا للدول العربية التي يستحيل فيها وقوع مثل هذا الأمر، فالمسؤول مقدس ويتوفر على الحصانة والكثير من الامتيازات التي تشجعه على الفساد والإفساد بلا رادع .
هذه المحاكمة تحمل الكثير من الدروس والعبر التي يجب ان تستفيذ منها الأنظمة المستبدة وخاصة منها بعض الانظمة العربية التي تعيش وتعتاش على الفساد ويستغل مسؤولوها مناصبهم للاغتناء غير المشروع وظلم العباد والتجبر ويحسبون أن الكرسي سيدوم لهم، ولو دام لمن قبلهم ما وصل إليهم .
اسرائيل تعطي درسا هاما في الديمقراطية الداخلية ومع أن العالم يعرف بظلمها وتجبرها وعدم اعترافها بالديمقراطية بل وتخرقها بكل أريحية إذا تعلق الأمر بها وبأمنعا لكن يشهد التاريخ أن مواطنيها سواسية أمام القانون وتحترم الديمقراطية وتكفل لهم حقوق الإنسان .