في خطوة تعكس التعاون الأمني الفعّال بين المغرب وإسبانيا، ألقت السلطات الإسبانية القبض على ناشطة موالية لجبهة البوليساريو في جزيرة مينوركا، وذلك على خلفية تورطها في التخطيط لعمليات إرهابية ضد المغرب والتحريض على تنفيذها. هذا الحدث يثير العديد من الأسئلة حول طبيعة التصعيد العدائي للجبهة الانفصالية وأبعاد الدعم الدولي للمجتمع الدولي في مواجهة هذا التهديد.
تفاصيل العملية: الإرهاب الرقمي في استراتيجيات البوليساريو
وفقًا لصحيفة دياريو دي مايوركا، استغلت المتهمة منصات التواصل الاجتماعي، خاصة تطبيق تيلغرام، لنشر محتوى متطرف والتحريض على “الجهاد” ضد المغرب. التحقيقات أظهرت محاولاتها للحصول على مواد لصنع أحزمة ناسفة، مما يشير إلى تطور جديد في استراتيجيات البوليساريو التي تستخدم الإرهاب الرقمي لاستقطاب المتطرفين وتجهيزهم لشن هجمات.
كما كشفت التحقيقات عن ارتباط المتهمة بجماعات إرهابية، ومنها شقيقها الذي لقي مصرعه في هجوم استهدف مصالح مغربية بالصحراء عام 2016، مما يعيد طرح التساؤلات حول مدى تغلغل الفكر المتطرف داخل شبكات الجبهة.
تصعيد البوليساريو: من الهجمات المسلحة إلى الإرهاب المنظم
يأتي هذا الاعتقال في وقت حساس، حيث كان قد تم تنفيذ هجوم من قبل ميليشيات البوليساريو على مدينة المحبس قرب الجدار الدفاعي في الجنوب المغربي الشهر الماضي. ورغم استخدام البوليساريو لمركبات رباعية الدفع وقذائف، فقد تمكنت القوات المسلحة الملكية من إحباط الهجوم باستخدام طائرات مسيرة متطورة.
هذا الهجوم ليس الأول، إذ سبقته هجمات مشابهة مثل هجوم مدينة السمارة في أكتوبر 2023، مما يدل على انتقال البوليساريو من أسلوب الهجمات التقليدية إلى تبني استراتيجيات إرهابية منظمّة.
دور الجزائر: داعم أم شريك في التصعيد؟
التصعيد الأخير يثير تساؤلات حول دور الجزائر، التي تعد الداعم الرئيسي للبوليساريو. الدعم المالي واللوجستي الذي تقدمه الجزائر يعزز من قدرة الجبهة على تنفيذ هجماتها، مما يضع الجزائر تحت أنظار المجتمع الدولي.
في هذا السياق، يبقى التساؤل: هل سيتحرك المجتمع الدولي لمساءلة الجزائر؟ أم أن المصالح الجيوسياسية ستظل تشكل عائقًا أمام اتخاذ خطوات حاسمة ضدها؟
التعاون المغربي الإسباني: نموذج إقليمي في مكافحة الإرهاب
يثبت التعاون الاستخباراتي بين المغرب وإسبانيا نجاحه في مواجهة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود. فبعد زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى المغرب في فبراير الماضي، عززت البلدين التنسيق في مكافحة الإرهاب، مما جعل العلاقة بينهما نموذجًا للتعاون الاستخباراتي في المنطقة.
المغرب يلعب دورًا رياديًا في تعزيز الأمن الإقليمي من خلال برامج تدريبية ومبادرات دولية، ويعد شريكًا أساسيًا في مكافحة الإرهاب على الصعيد العالمي، كما يظهر من خلال المكتب الإقليمي للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في الرباط.
التحديات الدولية: هل يتحرك العالم؟
التهديدات الإرهابية التي تمثلها البوليساريو وداعموها تثير تساؤلات حول دور المجتمع الدولي في مواجهة هذه الأزمة، خاصة في ظل الدعم المستمر من الجزائر للجبهة الانفصالية. هل سيضغط المجتمع الدولي على الجزائر للحد من دعمها للبوليساريو؟ وهل سيتحرك مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة لوضع حد لهذه الانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار؟
ختامًا: المغرب والتصعيد المستمر
مع تواصل التصعيد والتهديدات الإرهابية من البوليساريو وداعميها، يواجه المغرب تحديات جسيمة تتطلب استراتيجيات متجددة، تشمل تعزيز التحالفات الدولية والدبلوماسية لكشف المخاطر الأمنية التي تتعرض لها المملكة.
في الوقت نفسه، تظل جاهزية القوات المسلحة الملكية والمصالح الأمنية المغربية عناصر أساسية في الحفاظ على استقرار المملكة، لكن يبقى السؤال: إلى متى سيستمر هذا التصعيد دون تدخل دولي حاسم لوضع حد له؟