
كم أصبحنا ضعفاء.. كم صار المجتمع مخجلا.. يا لضحالة تفكيرنا.. ولك أن تستعمل كل المصطلحات التي تصلح للتعليق على حالنا المقرف.. غذونا نخاف ونخشى أتفه الأشياء.. ونتجاوز.. – بإرادتنا أو بدونها- عن اكبر المشاكل والقضايا..
نصنع مهرجانا.. نحتفل.. نستدعي ضيوفا.. نقيم تكريما.. ونعرض فيلما .. ونحتج على لقطة في هذا الفيلم.. حلقة مفقودة هنا في سيرورة الأحداث.. فجوة ثقافية فكرية تحمل نون الجماعة.. جماعة تعيش حالة من النفاق .. أو الجهل.. أو ربما الحالتين معا..لا ادري.. جماعة تجرح مشاعرها من مشهد أو لقطة .. ولا تجرح من أشياء أهم.. لا نريد أن ننزع عن احد إرادة القرار وإبداء الرأي.. ولكن بالمنطق تحكم الأشياء.. كيف تكون جزءا من مجتمع استعمال الكلمات النابية أصبح عاديا في الحياة اليومية.. لكنك تحرج وتعتبرها نقيصة وعيب عند استعمالها في احد الأفلام أو الأغاني.. تحرج من عمل فني يحمل بين طياته إيحاءات جنسية.. وتنتفض ضد مشهد قبلة في فيلم.. وتكون أنت نفسك من السباقين والمساهمين في التحرش الجنسي في شوارعنا الجميلة… أي نفاق هذا.. هل المجتمع هنا غير المجتمع هناك.. هل من كانوا داخل قاعة السينما هم غيرهم خارجها.. قطاع عريض منا للأسف منافقون اجتماعيا.. باعتبار غلبة النفاق على الصدق والتربية.. نفاقنا هو نتيجة لرواسب تربوية.. أدت بالضرورة إلى ارتداء الكثير منا لقناع مزيف.. يظهرنا على غير حقيقتنا في الواقع.. مجتمع يعتبر الأنثى سلعة لتفريغ كبته الجنسي.. وتلبية حاجياته اليومية.. ورغم تضحياتها المتواصلة وبرهنتها على قدرتها في العمل والإنتاج.. إلا أنها تضل ناقصة عقل ودين في نظره… هل هناك نفاق أكثر من هذا.. مجتمع لا يحترم الاختلاف.. نعلم إن غياب الحرية في المجتمع.. يعطينا مجتمع معطوب يمارس ما يريد وما يبتغي في الخفاء.. ويتظاهر بالعكس أمام الملأ.. نحن مجتمع مليء بالتناقضات.. نظرة خاطفة لحالنا البئيس.. تكفي لملاحظة التشتت الثقافي والأخلاقي الذي نعيشه.. اتسعت الهوة بيننا كأفراد وطبقات.. ولا علاقة للدين والتدين بذلك.. وربما لا يعلم الكثير منا أن المجتمعات الأكثر تديناً في العالم هي أيضاً الأكثر فساداً.. والأكثر ارتشاء.. والأكثر كذبا.. والأكثر طمعا.. وفي الأخير يكررون على مسامعنا اسطوانة أن فساد الأخلاق يعود إلى ضعف الدين.. والدين منهم بريء.. هناك فرق شاسع بين التنظير والخطاب.. والواقع والممارسة.. المواطن الذي يقول إنه ضد الرشوة.. تجده هو أول من يمنحها.. وشارب الخمر هو من يعلن أن بيع الخمور غير قانوني ولا أخلاقي.. ننبذ الغش في الخطاب.. ونطبع معه بسهولة في الواقع.. ونجد كل التبريرات الممكنة لذلك.. لا بأس أن تأتي بسوء… المهم أن لا يعرف بذلك الآخرون… فنحن لا نطالبك باحترام ضميرك الشخصي.. بل المهم هو الخضوع لرقابة الجماعة.. تبعا لنظريتنا الفريدة في الحياة.. افعل كل ما تريد.. ولكن في السر… فنحن مجتمع مبني على كل التناقضات..
شخصيا كم كنت سأفرح وأؤيد ردة فعل هؤلاء أمام اللقطة إياها..باعتبارها حركة واحتجاجا رمزيا لفئة معينة.. هي افتراضا ..امتداد لمجتمع محافظ.. يرمي لحماية هويته الثقافية والاجتماعية.. ويحرص على عدم اصطدام الفن بقيم الجمهور.. وان السينما يجب أن تنفتح على آفاق للنقاش.. وتساهم في تعزيز حرية التعبير.. ولكن .. ولكل ما سبق ذكره لا استطع التأييد.. واعتذر عن المشاركة في البكائيات القائمة على التقية المقيتة.. ونظرية المؤامرة الأبدية.. فلا أريد أن أكون جزء من فئة تنتقد الأعمال الفنية والأدبية نقدا دينيا ومجتمعيا.. بحمولة فكرية ضحلة.. بعيدة كل البعد عن معايير النقد الفني.. فئة أصحابها اغلبهم.. وبالإحصائيات.. لا يقرأ كتابا في الشهر ..بل ولا في السنة.. ومع ذلك يدعون العلم والثقافة والسمو.. فانتمائي لهم شرف لا أريده.. فما أنا إلا كاتب مشاغب..