
مؤخرا بشرنا وزيرنا في العدل -بشره الله بالجنة-.. بشرنا أن أرقام وإحصائيات الطلاق المرتفعة والمخيفة التي نسمع ..هي غالبا من وحي خيال مروجيها..لغاية ما.. وان الحقيقة غير ذلك.. واغلب حالات الطلاق في المجتمع المغربي هي طلاق اتفاقي بين الزوجين.. وهذا يدل على مستوى الرقي والتفاهم الذي وصله الكوبل المغربي في حل مشاكلهم الثنائية.. الله اكبر.. وصرح أيضا.. لا فض فوه.. انه ليس لدينا تصاعدا في معدلات الطلاق.. بل العكس.. الأمر يتعلق بتصاعد معدلات الزواج.. وهذا يؤكد على تحسن الوضع الاقتصادي للمواطن.. الشيء الذي يجعله ينخرط ويفكر في مشروع الزواج. انتهى كلام السيد الوزير.. الذي يمكن أن نحمله عدة معاني.. إلا أن يكون كلام واقعي.. نعم أكيد أن نسبة الطلاق لا يمكن أن تتجاوز عدد الزيجات.. وإلا سنكون أمام مجتمع بعاهات مستديمة.. ولكن السؤال المطروح عموما.. في زمننا وعصرنا وحاضرنا الجميل … هل لا زال مشروع الزواج فكرة تحافظ على جاذبيتها التي حملتها على مر العصور..ومغامرة تستحق المخاطرة … مع ما نراه من طوابير الكوبل المغاربة الراقي والمتفاهم أمام مقرات محاكم الأسرة… الجواب أكيد سيختلف أولا باختلاف مرجعياتنا الفكرية.. ثم ..وأساسا بمدى امتلاكنا لشجاعة خوض التجربة.. وإكمال نصف الدين الآخر.. بدل العيش بدين غير مكتمل.
الشاب المغربي .. دائما وأبدا هو في عيني أمه.. أحسن شاب.. وأروع رجل.. وفارس الفرسان.. واهم اختراع اكتشفته البشرية بعد الكهرباء.. وبالتالي فهو الزوج النموذجي والمثالي لكل بنات الحي والعائلة والمدينة والدنيا.. وهي على استعداد لان تأتيه بجميلة الجميلات.. وحلمها رؤية أحفادها قبل الممات.. هذه الاسطوانة التي جعلت نصف شبابنا يرمي نفسه إلى التهلكة دون طوق نجاة.. فجلهم يقتنع بكلام الأمهات هذا.. ويجد نفسه حقا محتاجا لزوجة..زوجة جميلة وصالحة.. تقتسم معه أولا هموم الحياة.. كما تقتسم معه مصروف البيت.. وطبعا وأساسا يقصدها وقت أراد.. ولكن المشكل أن كوبل مثل هذا .. يحكمون على أنفسهم –أمام ضيق الحال في الغالب- بفشل التجربة وانتهاء المغامرة.. أو العيش دون أفق واضح.. وأقصى ما يحلمون به.. الحصول على قرض شقة في السكن الاقتصادي.. وتامين دراسة الأطفال.. وطبعا ينسون أو يتناسون أنفسهم وسط دوامة الحياة .. وهذه تضحية مبالغ فيها ومازوشية من أجل تامين حياة شخص آخر/إبن.. فقط لكونه هو نتاج تلاقح في فترة الإباضة.. ومستقبلا هذا الإبن أيضا سيمل من اسطوانة الأب وهو يفتخر كم كافح من اجلهم ليصلوا لما وصلوا إليه.. ويعيش بشعور/عقدة الامتنان لهذا الأب.. الذي ينتظر رد الجميل في الشيخوخة.. فيصبح الزواج .. ثم الإنجاب.. عملية تامين لعمر متأخر تقوم على ثنائية الأخذ والعطاء.. أو ما يختصره البعض في “الاستثمار في الأبناء”.. بعقلية براغماتية صرفة.
بالمقابل .. مؤخرا انتشرت بين شبابنا فكرة “نجيبها من العروبية أو من الجبل”.. حيث نجد الانتشار الكبير لزواج القاصرات.. حيث الزوج/صاحب المشروع.. يأتي بشابة/طفلة.. جاهلة بكل شيء سوى الشقاء والكد وطاعة الزوج ابتغاء لمرضاة الله.. وتطبيقا لوصية أمها ليلة الدخلة.. بدون مطالب تقريبا..خادمة مثالية.. وزوجة مطيعة.. لا تشتكي ولا تحتج.. وإذا مرضت الشيح والزعتر وفليو موجود.. إذا ترك لها الزوج 50 درهم كمصروف اعتبرتها أكبر هدية.. تتقن فن التدبير.. وبعد عامين تفاجئك بشراء دمليج من الذهب.. فقط من بقايا ال 50 درهم تلك.. عائلتها من قاطني الجبال.. لا زيارة ولا تواصل..زوجة مثالية خدومة كما تأهلها لذلك جيناتها الأصلية..
طبعا فكرة هذا النوع من الزواج تتكاثر بحجة أن بنات المدن هن “بونوكازيو”.. وهذا هو الرجل المغربي العجيب.. بفكره العقيم.. يتجبر وتيسلطن.. ويعيش حياته طولا وعرضا حتى يتعب.. وفي الأخير يلجا لأمه بمقولته الشهيرة “الوالدة نوضي زوجيني”.. وصعب الجزم بصواب أو خطا الفكرة .. وهل هي واقعية تضمن الحياة السعيدة المتوخاة.. فالأمر يستلزم نقاشات واستماع لتجارب واقعية.. ودراسات وأبحاث علماء نفس واجتماع.. وأنا بعيدا كل البعد عن ذلك.. فما أنا إلا كاتب مشاغب..