يُلقبونه بـ”النهيضة”، بعد أن ارتبط اسمه بعشق فريق نهضة القنيطرة لسنوات، وهو أيضا الأب الروحي لكرة القدم داخل القاعة بالمغرب، بعد أن تمكن من إدخال اللعبة بقواعدها لأبناء مدينته القنيطرة، ثم وضع لبنة أول نادي للفوتسال بالمملكة.
إنه محمد الجامعي، واحد من أبناء مدينة القنيطرة والأب الروحي لكرة القدم داخل القاعة في المغرب، حيث قضى سنوات طويلة لجعل أجاكس القنيطرة قاطرة للفوتسال، والحرص على حضوره بعدد من المحافل الدولية، رغم الإمكانيات الضيقة حينها، وغياب الاهتمام الكافي للعبة.
الجامعي وفي حوار مع “تيلكيل عربي”، عاد ليروي بالتفاصيل علاقته الوثيقة بالفوتسال، وعشقه لهاته اللعبة التي وجدت طريقا لأبناء مدينته بفضله، ثم بعدها لقيت انتشارا في جميع جهات المملكة.
فرغم الهجرة صوب الولايات المتحدة الأمريكية، لازال شغف كرة القدم داخل القاعة سارياً في شرايين الرجل، الذي أسس فريقا للعبة هناك، وجمع شباباً تحت ألوانه.
الجامعي يحرص على متابعة كل صغيرة وكبيرة للعبة في المغرب، إذ كان حاضراً بنهائيات كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة في ثلاث نسخ متتالية، كولومبيا 2016 وليتوانيا 2020، ثم النسخة الأخيرة للبطولة في أوزبكستان 2024.
وكان لمحمد الجامعي حديث خلال الحوار ذاته، عن مستوى اللعبة بالمغرب، والمجهودات التي يبذلها المدرب هشام الدكيك لحمل المشعل، ومواكبة تطور “الفوتسال”.
يلقبونك بعراب كرة القدم داخل القاعة في المغرب، قربنا ولو بشكل مقتضب عن علاقتك وعشقك لهاته اللعبة التي دخلت المغرب عن طريقك؟
يمكن أن أصف لكم علاقتي بكرة القدم داخل القاعة، كالمريض بداء السكري وعلاقته بالأنسولين.
وما أقصد بهذا التشبيه، هو أن مرضى السكري لا يمكنهم العيش ولو ليوم واحد دون أخذ جرعة “الأنسولين”، وهو نفس الوضع بالنسبة لي فلا يمكن أن يمر يوم واحد دون التفكير في اللعبة، والبحث عن سبل للعمل على مستجداتها.
وبالرغم من ظروف الهجرة صوب الولايات المتحدة الأمريكية، لم أتمكن من الانسلاخ عن “الفوتسال”، سواء عن طريق متابعة مستجداته، أو الإشراف على نادي أجاكس القنيطرة لكرة القدم داخل القاعة، والبحث الدائم عن مستجداتها.
هل أنت راض على ما قدمته للعبة في المغرب، رغم التحديات والتضحيات الشخصية التي كلفتك إياها؟
أنا “نصف” راض على ما قدمته لكرة القدم داخل القاعة بالمغرب، وعودة للتاريخ، فإن دخول “الفوتسال” لبلادنا كان بمدينة القنيطرة قبل حوالي 54 سنة، بالضبط سنة 1971، ثم بعدها جاء تأسيس نادي أجاكس القنيطرة.
يوم استنسخت اللعبة من بحارة قادمين من روسيا حطت باخرتهم في ميناء القنيطرة وبعد نهاية أوقات عملهم يخرجون للعبها، وكانت هاته المرة الأولى التي أتعرف خلالها على اللعبة.
استهوتني اللعبة وهم من منحوني المعلومات الكافية عنها وعن قواعدها، وعندما غادرت باخرتهم تركوا لي تلك الكرة التي كانت غريبة علينا حينها، رغم أنني مررت لاعباً بالنادي القنيطري للشبان، لكن للفوتسال سحره وطريقته الخاصة.
مباشرة بعد رحيلهم، وضعت اللبنة الأساسية لنادي أجاكس القنيطرة للفوتسال، وبدأنا بخوض المباريات ونشر هاته اللعبة، لتوسيع رقعة ممارستها، إلى أن وصلت العالمية سنة 1994، إذ تمكنت في هاته الفترة من الانضمام إلى الجامعة الدولية المُشرفة على اللعبة والمعروفة بـ”فيفوزا”، لنصبح عضوا فيها.
“فيفوزا” كانت في تلك الفترة، الهيئة المُشرفة على كرة القدم داخل القاعات وليس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، كما أنها كانت من أنشئت لعبة “الفوتسال”.
وشغلت في تلك الفترة مهمة نائب رئيس الجامعة الدولية للفوتسال، إضافة إلى أنني كنت عضواً باللجنة التنفيذية.
سنة 1994 كان لدينا الحق للمشاركة أخيرا بمسابقة كأس العالم التي أقيمت نسخته بالأرجنتين، لكن جامعة الكرة المغربية عارضت مشاركتنا، قبل أن نتوصل بموافقة رسمية بتعليمات من الملك محمد السادس الذي كان وليا للعهد حينها، واستطعنا تمثيل المغرب في مونديال كرة القدم داخل القاعة.
وكانت ثاني مشاركة للمغرب بالمسابقة العالمية، في نسخة 1997 في المكسيك، ثم 2000 كان المغرب حاضراً بنسخة بوليفيا.
كما أريد التذكير بأن المغرب خلال سنة 1995، التحق بالاتحاد الأوروبي بصفته البلد الوحيد المنضم لـ”فيفوزا”، من القارة الإفريقية، وخلال نفس السنة ربحنا رهان تنظيم بطولة أوروبا للأمم الخاصة بـ “الفوتسال”، رغم العقبات التي تم وضعها لإلغاء المسابقة حينها، لكن جاء القرار الوزاري لفتح القاعات الرياضية لتنظيم المُسابقة.
هل ظلم فريق أجاكس القنيطرة، الذي يُعد قاطرة الفوتسال المغربي والمهد الذي انطلقت منه اللعبة؟
بالنسبة لي، فريق أجاكس القنيطرة لكرة القدم داخل القاعة، عاش فترة طويلة وسط الظلم وأيضا العراقيل.
ولعل أبرز العراقيل التي كانت توضع في طريقه، هي إغلاق القاعات الرياضية في وجهه، سواء من أجل التدريبات أو المباريات، كما كُنا نُمنع من المشاركات الدولية بشكل مفاجئ وحتى آخر لحظة من تواريخ انطلاقتها، بقرار من جامعة الكرة المغربية لكرة القدم حينها.
والجملة الأصح هي أن فريق أجاكس القنيطرة، عاش ظلما لا يُطاق.
كيف يمكن تسويق كرة القدم داخل القاعة في المغرب حاليا، والاستفادة من النهضة الكروية للمنتخب الوطني المغربي؟
أعتقد بأنه يجب إعادة النظر في طريقة خوض منافسات بطولة “الفوتسال” بالمغرب، لحدود الساعة تُصرف أموال طائلة من أجل أن تكون بطولة منتجة، وتقدم خدمات للمنتخب الوطني المغربي، لكن إيقاعها ما زال بطيئا مقارنة بما يتم توفيره للعبة.
لدينا بطولة خاصة بكرة القدم داخل القاعة، أسست منذ تولي فوزي لقجع رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حيث وفر جميع الإمكانيات لتطوير الدوري الخاص بالفوتسال، لكن هاته البطولة لم تستطع توفير أزيد من 14 لاعباً للمنتخب الوطني للفوتسال، للمشاركة بكأس العالم.
حضرت 3 كؤوس عالم لكرة القدم داخل القاعة كمتابع وخبير في اللعبة، برأيك ماذا تغير في هاته السنوات؟
صحيح كنت حاضرا خلال 3 كؤوس للعالم متابعاً، بداية من كولومبيا 2016، وليتوانيا 2020 (تم تأخير انطلاقتها إلى غاية 2021، بسبب كوفيد19)، وآخرها نهائيات كأس العالم في أوزبكستان لسنة 2024.
المنتخب الوطني المغربي للفوتسال تحسن أداءه ولا زال يسير في طريق التجويد، لكن بسرعة يمكن وصفها بـ”سرعة الحلزون”، وسأشرح لماذا.
لقد خضنا 4 كؤوس عالم، وحالياً علينا أن نتوفر على الأقل على خيارات بشرية تهم اللاعبين تصل إلى 30 إسما، متكافئين من ناحية المستوى، إلا أن ما نراه حاليا هو العكس، فليس لدينا منتوج خالص للبطولة الوطنية للفوتسال.
لقد خاض المنتخب الوطني المغربي كأس العالم الأولى في تاريخه تحت لواء “فيفا” سنة 2012، لكن حصلنا على صفر نقطة، ونفس الأمر بالنسخة الموالية بكولومبيا، كان الإقصاء من دور المجموعات ودون أي نقطة، قبل أن نعبر إلى مرحلة ربع النهاية في دورة ليتوانيا، ثم أوزبكستان 2024.
وعلى ما أظن أن دور ربع النهاية هو السقف الذي يمكن للمنتخب الوطني المغربي وصوله بمسابقة من قيمة كأس العالم، إذ لم تتغير طريقة تنظيم البطولة وإعادة النظر في كل جوانبها، لتكون خزاناً بشريا لأسود الفوتسال، في قادم المواعيد الكروية.
هل الفوتسال في العالم برأيك ما زال ينقصه الاهتمام الكافي، رغم شعبية اللعبة في البعض من دُوله؟
كرة القدم داخل القاعة عالمياً، يختلف الاهتمام بها بين دولة وأخرى، وبين قارة وأخرى.
مثلا، القارة السمراء لا تعتني برياضة “الفوتسال”، والدليل هو إقامة كأس إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة كل 4 سنوات، وبعدد محدود من المنتخبات.
هنالك 3 أو 4 منتخبات فقط تتنافس مع المغرب الذي حاز على اللقب القاري خلال 3 نسخ متتالية، والباقون مستواهم في اللعبة ضعيف جداً، وهذا الأمر لا يخدم بتاتا تطوير كرة الصالات بإفريقيا.
من ناحية أخرى، هنالك قارة أمريكا الجنوبية، التي تهتم بكرة القدم داخل القاعة بشكل كبير، إضافة إلى آسيا وأوروبا، اللذين يوليان أيضا اهتماما بالفوتسال وتطويره، إذ يتم تنظيم البطولة القارية بهاته القارات كل سنتين بدلاً من 4 سنوات، مع إقامة مسابقة دوري الأبطال “تشامبيونز ليغ”، وعدد كبير من المُسابقات والدوريات
آسيويين حاليا انفتحوا بدورهم على اللعبة، وبدؤوا في استقطاب لاعبين من البرازيل وأوروبا، وبدءوا في إقحامهم رفقة أنديتهم، كما أن بعض الدول منحت الجنسية لهؤلاء اللاعبين من أجل تمثيل المنتخبات الوطنية، وهو الأمر الذي تابعناه خلال النسخة الأخيرة لكأس العالم.
المغرب وحيدا في القارة السمراء فمع قدوم فوزي لقجع، رئيس جامعة الكرة، تم تسخير الإمكانيات له من أجل التطور، لكنه يمشي بساق واحدة للأسف، لأن الساق الثانية هي البطولة الوطنية، والأخيرة لا تُساعد ولا تعطي أي إضافة للمنتخب الوطني حالياً.
كيف ترى أداء المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم داخل القاعة في المحافل الدولية، آخرها كان بمونديال أوزبكستان؟
ظهور المنتخب الوطني المغربي خلال مسابقة كأس العالم”أوزبكستان 2024″، كان ظهورا لا بأس به، خصوصا في ظل غياب بعض اللاعبين بداعي الإصابة، وهو الأمر الذي أثر على مردودية المجموعة خلال البطولة كما تابع الجميع.
الغيابات بسبب الإصابة والارتباك الذي سببته، يشير إلى أن الفوتسال في المغرب يجب التفكير في إعادة تنظيم بطولته المحلية وتسييرها بالطريقة الصحيحة والاهتمام بها.
أرى بأن كرة القدم داخل القاعة في المغرب هي اللعبة الوحيدة التي ينقصها التتويج، و”الفوتسال” أصبح ينفض الغبار المتراكم على لعبة كرة القدم الكبيرة، ويغسل وجه الرياضة في المملكة، فلهذا أكرر بأن الاعتناء بهاته الرياضة وبطولتها المحلية واجب، لنكون حاضرين بقوة خلال الدورات المقبلة من بطولة كأس العالم.
ماذا ينقص الفوتسال المغربي بعد، ليكون بطلا للعالم، بالنظر لما حققه عربيا وقاريا؟
أعتقد أن الوقت حان، للمناداة على أصحاب الخبرة ورجالات الفوتسال، من أجل المساهمة في تطوير اللعبة بصفة عامة.
بالنسبة لي، “الفوتسال” لازال جريحا في المغرب ويعاني رغم القفزة الكبيرة التي حققها مع فوزي لقجع، إلا أن جرحه لم يندمل، بالنظر لما تسببت فيه الأسماء التي كانت تُسير الهرم الجامعي خلال فترة التسعينات..لقد أجرموا في حق اللعبة بالفعل.
وكان فريق أجاكس القنيطرة لكرة القدم داخل القاعة، يسير باللعبة نحو الأمام لكنهم أوقفوا قطاره قبل الوصول إلى المحطة الأخيرة، وعاش الفريق منذ 2000 إلى 2010 غيبوبة، قبل أن يتم تنظيم دوري محتشم في عهد علي الفاسي الفهري، ثم وصولا إلى التأسيس لبطولة محلية للفوتسال، في عهد فوزي لقجع، لكنها حاليا ومن وجهة نظري تعاني من سوء التنظيم.
ماذا عن علاقتك بهشام الدكيك، المُدرب الحالي للمنتخب الوطني المغربي للفوتسال؟
تجمعني علاقة طيبة مع الناخب الوطني هشام الدكيك، فأنا أعتبره إبنا لي.
لقد لعب في صفوف نادي أجاكس القنيطرة الذي ترأسته خلال أواخر فترة التسعينات، قبل أن أغادر وطني وأختار الاستقرار بالولايات المتحدة الأمريكية.
الدكيك حمل شعلة الفوتسال المغربي وسار به إلى الأمام، ولقد تمكن من إيصال المنتخب الوطني المغربي إلى القمة.
لماذا الفوتسال المغربي حالياً (أخص بالذكر المنتخب المغربي الذي بدأ بتأسيس فئاته، ثم المنتخب النسوي) لا يستفيد من خبرتك؟
في الحقيقة، أتطلع وأحلم في يوم من الأيام أن أكون جزءا من المجموعة التي تشتغل على تطوير “الفوتسال” بالمغرب، والأمر ينطبق على عدد من اللاعبين السابقين الذين شاركوا مع نادي أجاكس القنيطرة قبل سنوات في بطولات عالمية ولديهم من الخبرة الكثيرة، كما أنهم تمكنوا من جمع هاته الميزة مع التكوين والحصول على الدبلومات الضرورية، لهذا أعتقد بأنهم بالتأكيد سيكونون إضافة لهاته الرياضة.
كما قلت سابقاً، يجب تكثيف الجهود ووضع اليد في اليد من أجل خدمة الوطني أولاً، بعيدا عن الأنانية والحزازات، وكل الأمور التي يمكنها تعطيل عجلة تقدم كرة القدم داخل القاعة المغربية.
نحن اليوم مقبلون على تنظيم كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة بالمغرب إن تحقق الأمر، وعلينا أن نكون كفاعلين جميعا في مستوى الحدث سواء تعلق الأمر بالجانب التنظيمي أو على مستوى الأداء، لنخوض على الأقل المباراة النهائية، أو الإبقاء على الكأس في بلدنا.
كتابك “العشق الممنوع”، متى سيصدر بالضبط؟ ولماذا اخترت هذا العنوان المُثير للحديث عن قصتك مع الفوتسال، والاعتقال، ثم الهجرة؟
“الفوتسال” رياضة عشقتها منذ أول مرة تعرفت عليها وعلى قواعدها، وسأبقى دائما وفيا لها لأنها أصبحت جزءا مني سواء بعيدا باعتبار أنني اخترت الهجرة، أو مع المجموعة فالأمر لا يهم بالنسبة لي.
الأهم بالنسبة لي حاليا، هو مواصلة العمل لصالح اللعبة وخدمة الوطن، ولست نادما على العقبات التي واجهتها في سبيل الفوتسال، وأعتبر كل ذلك كان درسا لي في الحياة ونضالا من أجل الدفاع عن الفوتسال المغربي منذ سنوات ولت.