كرست زيارة عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، إلى الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة الممتدة من 23 إلى غاية 26 شتنبر الجاري، اتساع دائرة مساهمة المؤسسة الأمنية في إشعاع الدبلوماسية المغربية.
أصبحت العواصم العالمية تولي أهمية كبرى لليد المغربية الممدودة لحلفاء الحرب على الإرهاب والجريمة المنظمة، خاصة في ظل حدوث تطورات كثيرة، مرتبطة بالخطر الداعشي، سواء على المستوى الإقليمي أو الجهوي أو الدولي، وبروز خبرة مغربية في مجال رصد ومحاربة التنظيمات المتطرفة، وضعت المغرب في محور جولات مرتقبة من الحرب على الجماعات المسلحة.
وتعددت في السنوات الأخيرة قنوات تنزيل برنامج عمل مندمج سطرها قطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بغرض تطوير آليات التعاون الأمني الدولي، وتوسيع مجالات ومستويات التنسيق والشراكات الأمنية مع مختلف الأجهزة الأمنية في الدول الشقيقة والصديقة وفي المنظمات الدولية ذات الاهتمام بالشأن الأمني.
تنزيل الشراكات
عكست الزيارة الرغبة المشتركة للمغرب والإمارات في الارتقاء بالعمل الأمني المشترك، مع إيلاء أهمية خاصة للتكوين والتدريب الشرطي، والاستثمار الجيد في تأهيل الموارد البشرية، باعتبارها المدخل الأساسي لتحديث المرافق الشرطية وتمكينها من كسب التحديات التي تطرحها التهديدات الأمنية المستجدة، وذلك تدعيما لعلاقات التعاون الثنائي في المجال الأمني بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة
شكلت زيارة حموشي للإمارات مناسبة لوضع الإطار القانوني والتنظيمي لتوطيد وتطوير التعاون الأمني بين الطرفين، وتبادل الخبرات في مجال التكوين الشرطي وبناء الكفاءات الأمنية، تدعيما لعلاقات التعاون الثنائي في المجال الأمني بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وذكر بلاغ لقطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أن حموشي استهل تلك الزيارة الرسمية بتوقيع مذكرة تفاهم بين المديرية العامة للأمن الوطني، ممثلة في المعهد الملكي للشرطة، والقيادة العامة لشرطة أبو ظبي، ممثلة في أكاديمية سيف بن زايد للعلوم الشرطية والأمنية، وهو الاتفاق الذي سيفتح الباب لتنزيل برامج مشتركة للتكوين والتدريب المتقدم في مختلف المجالات الشرطية.
تعاون متعدد الأطراف
يسمح الاتفاق الثنائي مع الإمارات بتبادل الخبرات والتجارب العملية والاستفادة من الإمكانيات التخصصية المتوفرة لدى الشرطة المغربية ونظيرتها في القيادة العامة لشرطة أبو ظبي، واستخدامها في تأهيل الأطر الأمنية وبناء قدراتها، فضلا عن تعزيز التعاون المشترك في مجال الدراسات العليا في العلوم الشرطية والأمنية والقانونية.
وأجرى حموشي مباحثات ثنائية موسعة مع القائد العام لشرطة أبو ظبي، اللواء ركن طيار فارس خلف المزروعي، تناولا فيها سبل تطوير التعاون المشترك في المجال الأمني، وتوسيع مجالاته وأشكاله، بما يتلاءم مع المستوى المتقدم للعلاقات المتميزة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، إذ ذكر البلاغ أن المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني التقى بعلي عبيد الظاهري، رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية بالإمارات العربية المتحدة، وتباحث معه مختلف قضايا العمل الأمني المشترك، بما فيها الوضعية الأمنية والتهديدات الناشئة في المحيط الإقليمي والدولي.
والتقى حموشي، على هامش تلك الزيارة، بالدكتور أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «أنتربول»، وناقش معه قضايا التعاون الأمني الشامل والمتعدد الأطراف، الذي تعتبر المملكة المغربية فاعلا رئيسا فيه، كما استعرضا مختلف المخاطر والتهديدات الأمنية والسبل الكفيلة بمواجهتها من منظور جماعي من أجل عالم أكثر أمنا.
الجرائم العابرة للحدود
ولم تقتصر جولات المدير العام لقطبي المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني على الإمارات، إذ شرع منذ أبريل الماضي في جولة إلى بعض دول الشرق الأوسط، شملت زيارة عمل إلى قطر، على رأس وفد أمني، عقد لقاءات مع مدير جهاز « أمن الدولة» القطري، عبد الله بن محمد الخليفي، مرفوقا بمسؤولين أمنيين قطريين رفيعي المستوى.
وذكر مصدر أمني أن تلك الزيارة تمت في سياق دولي مطبوع بمجموعة من المتغيرات، وترافقه تحديات أمنية مختلفة ومتنوعة، ما جعل من اللقاء فرصة سانحة للوقوف على أهم التحديات الأمنية المشتركة بين البلدين، خاصة تلك المرتبطة بالجرائم الدولية العابرة للحدود، وبالتهديدات الإرهابية المحدقة بالبلدين الشقيقين، كما هو الشأن بالنسبة إلى انعكاسات التطورات المقلقة في بعض البؤر المتوترة عبر العالم.
وشكل اللقاء المذكور مناسبة للطرفين لتعزيز التعاون المشترك، عبر «تفعيل شراكات أمنية هامة»، وتدارس سبل تدعيم التنسيق الأمني بين البلدين، بالإضافة إلى تبادل الخبرات والتجارب في جميع المجالات الأمنية ، وتكثيف الجهود من أجل مواجهة تداعيات الظاهرة الإرهابية على أمن واستقرار البلدين.
وحرصت قطر على أن يتم تنظيم المونديال السابق بمشاركة مغربية ضمانا لتوفير « أرفع مستويات الأمن والأمان في تاريخ نهائيات كأس العالم لكرة القدم».
في قلب تأهب دولي
بدأ التنسيق المغربي القطري بهذا الخصوص، منتصف فبراير 2022، أي قبل بداية المنافسات بثمانية أشهر، بعقد لقاءات عمل جمعت وزير الداخلية والجنرال «دو كوردارمي» قائد الدرك الملكي، والمدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، بوفد رفيع المستوى قدم خصيصا إلى الرباط من الدوحة لتدارس سبل التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين في ميدان تأمين التظاهرات الرياضية الكبرى.
ووضعت التهديدات والتحديات، الناشئة عن الأوضاع المتوترة في عدد من مناطق العالم، حموشي، في قلب تأهب دولي في مواجهة مخاطر ارتباطات قائمة بين التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة.
نجاحات استباقية
وصف رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، استقبال حموشي من قبل فيليب السادس، ملك إسبانيا بأنه يحمل إشارات مفادها أن إسبانيا تعول في تعاونها مع المغرب على المستوى الأمني، في ظل التغيرات الجديدة التي عرفتها المنطقة والعالم، عبر تجديد آلياتها ووسائلها لمسايرة المستجدات الإقليمية وتعزيز القدرات على مواجهة التهديدات الأمنية الجديدة، مسجلا أن الأمن المغربي بات يكتسب سمعة دولية في إطار مكافحة الجريمة بشكل استباقي، بفضل الخبرة التي راكمتها الأجهزة المغربية، وأن التعاون الأمني الثنائي للمملكة أوجد أنماطا جديدة أكثر مرونة وفاعلية، ما جعل أجهزتها الأمنية مطلوبة من كل دول الاتحاد الأوربي
وأشار لزرق في تصريح لـ «الصباح» إلى أن التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا أصبح نموذجا في منطقة المتوسط ومن أبرز تجارب التعاون الناجحة في العالم، وأن الأمنيين المغاربة حققوا نجاحات استباقية في مواجهة التحديات الأمنية، إلى حد أنهم أصبحوا مثالا في بناء الأمن الإقليمي.
تنسيق عملياتي
أجرى حموشي منتصف ماي الماضي مباحثات ثنائية على هامش احتفالات ذكرى تأسيس الشرطة الإسبانية مع عدد من نظرائه الإسبان، خصوصا فرانسيسكو باردو بيكيراس المدير العام للشرطة الوطنية، وأوخينيو بيرييرو بلانكو المفوض العام للاستعلامات، كما التقى رافاييل بيريز رويز كاتب الدولة الإسباني المكلف بالأمن، وجوليان أفيلا بولو المفوض العام للأجانب والحدود بالبلد نفسها.
وشكلت تلك المباحثات مع رؤساء الأجهزة الأمنية الإسبانية مناسبة مواتية لاستعراض النتائج المهمة، التي تم تحقيقها في مجال التعاون الأمني الثنائي بين المغرب وإسبانيا، خصوصا في مجال التنسيق العملياتي والمساعدة التقنية لمواجهة تهديدات الخطر الإرهابي، ومختلف صور الجريمة المنظمة، لاسيما شبكات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات وغيرها.
وتناول عبد اللطيف حموشي مع نظرائه في الجارة الشمالية مختلف التهديدات والمخاطر الأمنية المحدقة بالمحيط الاقليمي للبلدين، وكذا آليات تطوير وتوسيع مجالات التعاون الأمني الثنائي، بغرض مواجهة جميع هذه التحديات والمخاطر من منظور مشترك.