للوهلة الأولى، يجد الزائر نفسه أمام ما يعتقد أنه سراب، قبل أن يدرك أن الأمر يتعلق ببحيرات ظهرت من جديد إثر التساقطات المطرية الأخيرة، مما خلق مشهدًا بانوراميا خلابا. إنها لوحة غنية بالألوان تزاوج بين انعكاسات زرقة الماء، إلى اللون الأصفر الذهبي للرمال، مروراً بالأخضر لأشجار النخيل واللون الأبيض للخيام المنتشرة عند سفوح الكثبان الرملية الساحرة.
بالإضافة إلى الأنشطة المعتادة بما في ذلك العلاج بالرمال، وركوب الجمال، والتزلج على الرمال، وجولات العربات ومناظر شروق الشمس وغروبها الخلابة، يمكن لمرزوكة الآن توسيع عروضها السياحية بنشاط جديد، وهو مراقبة الطيور مع وصول عدة أنواع من الطيور المهاجرة التي استقرت في البحيرات الجديدة بما في ذلك طيور النحام الوردي والقبرة والبط البري…
ومن أجل التملي بجمال البحيرات بشكل أفضل، يمكن للزوار وخاصة الرياضيين منهم خوض مغامرة أخرى: صعود “قمم” عرق الشبي. فمن أعلى القمم، يمكنك مشاهدة واحدة من أجمل المناظر التي يمكن أن تقدمها الطبيعة.
“من المدهش رؤية بحيرة في وسط الصحراء. لقد جئنا لاستكشاف هذا البلد الجميل. أنا أسميه المغرب المذهل ذو الجمال الذي لا يضاهى”، هكذا صرحت لوكالة المغرب العربي للأنباء، السائحة الكندية، كيم، التي جاءت رفقة زوجها دان من كولومبيا – البريطانية، المقاطعة الواقعة في أقصى غرب كندا، لاستكشاف عجائب المملكة.
وتضيف السائحة “من الواحة التي عبرناها إلى الكثبان الرملية، مروراً بالهندسة المعمارية الجميلة للمباني والقصبات وتنوع فن الطبخ المحلي، استمتعنا بكل دقيقة قضيناها هنا، المشهد رائع للغاية”، قبل أن تنضم إلى مجموعة من السياح المتوجهين إلى “قمم” الكثبان الرملية للاستمتاع بسحر الصحراء ومشهد غروب الشمس.
نفس الشعور بالدهشة ينتاب بريتاني، سائحة من الولايات المتحدة، وهي تزور المغرب مع عائلتها لمدة عشرة أيام، قائلة “لا يوجد مثيل لهذا، في أي مكان آخر في العالم، إنه مبهر للغاية”، وهي تتأمل امتداد الكثبان الرملية الشامخة لأول مرة، مضيفة أن برنامج زيارتها للمغرب يشمل عدة مدن، “كل واحدة منها مختلفة وفريدة من نوعها مما يتيح لنا استكشاف التقاليد والتراث المحلي لمختلف جهات المملكة”.
إذا كانت هذه المناظر الطبيعية قد أبهرت الزوار الأجانب، فحتى بالنسبة لساكنة مرزوكة، فإن المشهد يبدو فريدا من نوعه.
“لقد مضى الآن أكثر من 20 عامًا منذ آخر مرة رأيت فيها هذه البحيرات الرائعة التي تؤثث المناظر الطبيعية في مرزوكة”، يستحضر أحمد محمدي، البالغ من العمر ستين عامًا والذي جاء من أرفود مع عائلته لقضاء لحظات من الاسترخاء والتأمل على ضفاف البحيرات الناشئة.
وتتيح كثبان عرق الشبي الشهيرة، بجمالها والشعور بالسكينة الذي يخيم على محيطها، لزوارها التماهي مع الطبيعة وعيش تجربة سياحية فريدة سواء بالنسبة لمحبي وممارسي رياضة المشي أو الزوار العاديين.
بالنسبة لعزيز محمد، مرشد سياحي في مرزوكة، فإن هذه البحيرات الناشئة عززت بشكل ملحوظ العرض السياحي في المنطقة نظرا لكون العديد من الزوار انتهزوا الفرصة للحضور والاستمتاع بهذا المزيج السحري بين الكثبان الرملية والبحيرات والشمس وزرقة السماء الصافية.
عند حلول الظلام، تغفو الكثبان الرملية وتكشف المنطقة عن كل أسرارها. مشهد ساحر يجمع بين سكينة الليل وظلال الرمال المتموجة والنجوم المتناثرة بعدد حبات الرمل.
وهكذا، يمكن لمرزوكة أن تتباهى بمكانتها كفضاء مميز لمحبي الطبيعة الساحرة، ولكن أيضًا بالنسبة للمتخصصين المدعوين لاستكشاف النقوش الصخرية والمواقع ذات القيمة الأثرية الكبيرة.