تيزنيت.. انطلاق فعاليات موسم سيدي عبد الرحمن

وادنون تيفي1 سبتمبر 2024
تيزنيت.. انطلاق فعاليات موسم سيدي عبد الرحمن
وادنون تيفي المهدي رحالي

انطلقت يومه الخميس 29 غشت 2024م الموافق 24 صفر 1446 فعاليات موسم سيدي عبد الرحمن، حيث نظمته جمعية ادزكري المشور للتنمية والتعاون بدعم من المجلسين الجماعي والإقليمي بتزنيت، وبتعاون مع عمالة تيزنيت وبتنسيق مع المجلس العلمي المحلي بتزنيت ونظارة أوقاف تيزنيت والمندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بتزنيت، حيث اختارت لهذه السنة شعار:”سيدي عبد الرحمن رمز ودفن مدينة تيزنيت السلطانية”.

وشهد انطلاق الموسم استقبال رسمي للوفد المرافق لعامل تيزنيت، و الذي كان صحبته مجموعة من الفقهاء والعلماء ضيوف الموسم، وكذا الطلبة والفقهاء القادمين من موسم الولي الصالح سيدي حماد اوموسى بتازلوالت.

وكان برنامج الاستقبال يفتتح بالترحيب بالضيوف في أجواء روحانية من الأبخرة و القراءات الجماعية لسور من الذكر الحكيم، تلاه كلمة بإسم الشرفاء الشرفاء الزكراويين الادارسة، تلتها تلاوة برقية ولاء مرفوعة للسدة العالية بالله أمام عامل صاحب الجلالة على الإقليم، ثم تم اعطاء كلمة للسيد رئيس المجلس العلمي المحلي، الذي قدم كلمة فيها جملة من المعلومات عن نشأة وتتلمذ الولي سيدي عبد الرحمان في صباه وشبابه، والسياق والظروف التي جعلته يستقر بتزنيت ليكون بعدها أحد أهم أعلامها الراقدين بها، مع ذكر سياق بناء الضريح، مع اشارة للارقدين معه فيه، اللذان هما الخليفة السلطاني مولاي الزين بن مولاي الحسن، والوزير محمد بن أحمد الجبابدي الرجراجي.

كما يجدر الإشارة إلى أن هذه السنة عرف الموسم إهتداء المنظمين إلى تنظيم معرض المنتوجات المحلية والمجالية اضافة الأنشطة الاقتصادية العادية التي تنظم من طرف الساكنة والتجار المتنقلين.

كما اختتم اللقاء بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين الملك محمد السادس ولكافة أفراد الأسرة الملكية، ولكافة المؤمنين والمؤمنات.

وفي هذا السياق سنحاول اعطاء نبذة مقتضبة عن كل من الموسم، وعن الشخصيات الراقدة بالضريح. فموسم سيدي عبد الرحمن هو امتداد لموسم سيدي حماد اوموسى، امتداد لبرنامج الاحتفالي والتاريخي والعلمية والصوفي، وهو ما سيتبين من خلال ما سياتي في المقال. فمريدي وزوار سيدي حماد اموسى بمجرد أن يحيوا موسمه السنوي بتزروالت، لابد لهم أن يكملوا زيارتهم نحو موسم تلميذه سيدي عبد الرحمان، الذي تتلمذ وتعلم على يده، وكان من أكثر المرافقين له. فهذا الموسم يجسد هذه العلاقة بين الشيخ والمريد، العالم والتلميذ …

فمعتمدين عن عدة مصادر من قبيل ما دونه الاستاذ أحمد بومزكو، كتاب الذاكرة الجماعية لتزنيت 2009، وبعض المقالات والمصادر الرقمية، حول الشخصيتين اللتان ترقدان بذات الضريح في سيدي عبد الرحمان، فالأول هو مولاي الزين بن مولاي الحسن، اما الثاني فهو محمد بن احمد اجبابدي.

عبد الرحمان بن أيوب بن الحنفي الزغاغي

حسني النسب، ينتسب الى الأدارسة عن طريق علي بن إدريس الازهر، ما زال مدشر أسرته محتفظا بنفس الاسم من قبيلة إيسي بنواحي تافراوت، لا يذكر للشيخ ذرية إلا من جهة شقيقه علي. لم يترجم له أحد من أصحاب كتب التراجم، بيد أن ما يبدو من خلال الروايات الشفهية أنه ترك مستقر أهله، وارتحل لطلب العلم والصلاح، فأقام مدة بتازروالت، مصاحبا شيخه سيدي حماد أوموسى السملالي، وعد من كبار مريديه. و بإيعاز من شيخه، ألقى عصا التسيار بتيزنيت وأقام بها زمن السعديين، خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر/ نهاية القرن العاشر الهجري. ويبين الرصيد الوثائقي لنفس المرحلة أن الشيخ سيدي عبد الرحمان كان موثقا متمكنا من ناصية اللغة العربية، وتصدر للتدريس والإمامة بمسجد ءيدزكري. وكان على جانب من الفضل والصلاح، وللتيزنيتيين فيه اعتماد واعتقاد كبيرين.

لهذا عظموه واعترفوا بفضله بعد وفاته في النصف الأول من القرن السابع عشر، ودفن بالأكمة المطلة على واد توخسين، الى أن أقيمت على ضريحه قبة بأمر من السلطان مولاي الحسن الأول. ولمقامه حرمة، يقام حوله موسم ديني-اقتصادي خلال شهر غشت من كل سنة، يؤمه الواعدون والزوار من كل الافاق.

مولاي الزين بن مولاي الحسن

أو السلطان المجاهد كما لقب من طرف العديد، وهو الأمير الذي تسلطن مدة 54 يوما من سنة 1911م، هو الأمير مولاي الزين بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمان بن هشام، وهو الابن السابع للسلطان المولى الحسن، عاش احداث متسارعة بعلاقته مع المستعمر وأخيه المولى عبد الحفيظ، جعلته يتقلب من أن يكون سلطان مبايعا على المغرب إلى أن يدخل سجون الاستعمار، ليعين في ما بعد خليفة سلطانيا في عهد أخيه المولى يوسف بعد تنازل المولى عبد الحفيظ سنة 1921م بمدينة تزنيت، واتخذ القصر الخليفي بتزنيت مقرا له، الذي مع الاسف اصبح يعيش إهمالا كبيرا، لا يرقى لما تكون عليه الساحات والقصور والمناطق السلطانية التاريخية بباقي المدن المغربية.
محمد بن أحمد الجبابدي الرجراجي

ازداد الفقيه محمد الجبابدي بمراكش عام 1877، وبها نشأ داخل احدى البيوتات الشهيرة بالفضل والعلم والصلاح، يتصل نسبها بأصول ركَراكَية. وبعدما حفظ القرآن الكريم وجملة من المتون الدينية بمراكش، التحق بجامع القرويين بفاس، حيث أكمل تعلم مبادئ اللغة العربية والعلوم الدينية على يد عدد من أكابر المشايخ. كان عالما عدلا، ضليعا في علوم الدين والفقه واللغة، وعد من الكتاب المجدين. ويبدو من خلال شهادة تزكيته لخطة العدالة بتاريخ 15 أكتوبر 1911، أن هناك اجماع لثلة من علماء مراكش على كفاءته وجديته، وحلوه بأوصاف تنم عن علوة قدره وشرف مكانته.

وقد كان بعدة موقع مهمة داخل الدولة، حيث تقلد مناصب إدارية سامية، ككاتب لدى مخزن مولاي عبد العزيز عام 1904، ثم التحق بشؤون الجبايات بالقصر الملكي بفاس. وبعد فرض الحماية على المغرب عام 1912، عد من خواص العلماء الملازمين للسلطان مولاي يوسف، حيث تقلد منصب الوزير بالكتابة الخاصة. وعلى قدر هذه المكانة، انتدب للمشاركة ضمن الوفد السلطاني إلى باريس سنة 1926، وهي السنة التي دشن فيها السلطان مولاي يوسف المسجد الكبير بباريس.

كما استطاع تولي عدة مناصب ومهام بالقضاء، الأملاك المخزنية، وزارة الشؤون المالية، ديوانية الجديدة، قبل أن يعين كاتبا ساميا بالصدارة العظمى. وتقديرا له حاز عام 1926 على الوسام العلوي اليوسفي من الدرجة الرابعة برتبة ضابط.

ولما ولي مولاي الحسن بن يوسف خليفة على تزنيت عام 1934، بعد وفاة مولاي الزين بن الحسن، قدم المترجم اليها، كوزير للخليفة السلطاني الجديد خلفا لإدريس بوستة، وذلك بعد أن حظي بثقة السلطان محمد بن يوسف، تقديرا لجليل خدماته بدار المخزن.

استقر الجبابدي عند حلوله بتزنيت بإحدى دور القائد مبارك بن همو التزنيتي الكائنة بقصبة تيزيكي، التي أصبحت مجمعا لفقهاء ومسؤولي وأعيان المدينة، وخصوصا أنه عرف بعلاقاته القوية بعلماء وأعيان المنطقة مجسدا التكامل الحاصل بين عدد من رموز المخزن ورواد الحركة الوطنية. كما عرف بشغف كبير باقتناء الكتب والمخطوطات، ولا يكاد يفتر عن المطالعة والتقييد، وتحصلت لديه داخل نفس الغرفة مكتبة كبيرة طافحة بالكتب وخاصة المخطوطات التي انتسخها بخطه الجميل.

توفي رحمه الله يوم الثلاثاء 14 نونبر سنة 1950 عن نحو ثلاث وسبعين سنة، وثوى الى مثواه الأخير بضريح سيدي عبد الرحمان إلى جوار مدفن خليفة السلطان مولاي الزين.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.