تعد قضية الصحراء المغربية أحد أهم الملفات الدبلوماسية التي يوليها جلالة الملك محمد السادس اهتماما كبيرا منذ اعتلائه العرش، اذ عمل جلالة الملك على تعزيز الموقف المغربي في هذا الملف عبر مسارات متعددة، منها الدبلوماسية الرسمية والموازية، مع توظيف العلاقات الثنائية المبنية على الصداقة والمصلحة الاستراتيجية، وقاد جلالته منذ تواليه العرش بسلاسة وثبات معركة دبلوماسية بمهارة وحكمة، مستفيدا من كل الأدوات والعلاقات التي يمتلكها المغرب.
1- توظيف علاقات المغرب مع دول الخليج العربي لتعزيز دعم مغربية الصحراء.
منذ انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي، شهدت العلاقات بين المغرب ودول الخليج العربي تطورا استثنائيا، اذ نجح جلالة الملك بحكمته المعهودة في تحويل هذه العلاقات إلى دعم قوي وراسخ لقضية الصحراء المغربية، حيث قامت دول الخليج بتزكية موقف المغرب في كافة المحافل الدولية.
استغل المغرب كل اللقاءات الرسمية مع الدول العربية الشقيقة للترويج لموقفه بشأن الصحراء المغربية، مع التركيز على بناء علاقة متينة تقوم على الدعم الأخوي الواضح.
وأسفرت كل اتفاقية موقعة مع دول الخليج عن تعزيز الثقة والدعم المتبادل، مما أدى إلى تجسيد هذه الصداقة بتأييد واقعي من خلال افتتاح قنصليات عربية على أراضي الصحراء المغربية.
2- افتتاح القنصليات في الصحراء دعم دولي لموقف المغرب.
في خطوة ملهمة ومؤثرة في حلقات الصراع شهدت مدينتا العيون والداخلة تناسل افتتاح قنصليات وسفارات اجنبية على ارض الصحراء المغربية ومثلت هذه القنصليات دعم مباشر وصريح لسيادة المغرب على صحرائه.
و كانت هذه الخطوة تجسيدا حيا لدعم الدول الصديقة، ورسالة واضحة بأن سيادة المغرب على صحرائه أمر لا جدال فيه، فكل قنصلية فتحت أبوابها كانت بمثابة عهد جديد وموقف داعم، وخطوة نحو حسم الصراع بشكل نهائي.
3- عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي.
شكلت عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي انتكاسة دبلوماسية للجزائر، بحيث اتخد المغرب بمباركة 30 دولة افريقية داعمة للموقف المغربي، قرار تجفيف اخر مستنقع حاضن للدولة الوهمية، فكان خيار المغرب ولا زال منذ اتخاد موقف العودة هو تجميد عضوية الدولة الكرتونية من الاتحاد الافريقي باعتباره الحاضنة الأخيرة لهذه المرتزقة.
واستثمر المغرب إرثه السياسي والدبلوماسي والديني والاقتصادي لتعزيز علاقاته الأخوية مع عمقه الأفريقي، فعمل المغرب على زيادة استثماراته في الدول الإفريقية، حتى أصبح اليوم المستثمر الأول في القارة، كما دعم دول غرب إفريقيا في محاربة التطرف الديني من خلال تكوين الأئمة والمرشدين الافارقة و تبادل البعثات الدينية وتوطيد العلاقات مع الجماعات المتصوفة خصوصا الزاوية التيجانية، كما ساهم في تطوير الإدارة من خلال تدريب الأطر الإفريقية، وبفضل هذه السياسة نجح المغرب في كسب تأييد عدد كبير من الدول الأفريقية لموقفه العادل بشأن قضيته.
وكانت مشاريع التنمية التي قادها المغرب في دول غرب افريقيا بمثابة القاطرة الاقتصادية نحو اقلاع اقتصادي شامل مبني على قاعدة رابح رابح، مما قزم دور الجزائر وباتت مواقفها معزولة لا تكسب أي تأييد.
4- الاعتراف الأمريكي دفعة قوية للاستثمارات والتأييد الدولي لمغربية الصحراء.
سيظل الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه بمثابة شعاع نور أضاء الطريق أمام المزيد من الاستثمارات والتأييد الدولي لموقف المغرب اتجاه سيادته على الصحراء، فهذا الاعتراف حسب كل المحللين لم يكن فقط دعما سياسيا، بل فتح الأبواب أمام المزيد من الفرص الاقتصادية والتنموية بأقاليمنا الجنوبية، وكان هذا الموقف فال خير على الجهات الجنوبية الثلاثة التي باتت اليوم تستقطب استثمارات اجنبية كبرى في كافة المجالات (الطاقات المتجددة، الفنادق الفخمة، التنقيب على المعادن…).
5- توالي المواقف المؤيدة من دول الاتحاد الأوروبي لمغربية الصحراء.
كان لتوالي المواقف المؤيدة للمغرب من داخل الاتحاد الأوروبي أثر كبير في تعزيز موقف المملكة على المستوى الدولي، فكانت البداية مع إسبانيا وألمانيا ثم تلتها فرنسا، فكان كل اعتراف يقربنا أكثر الى حسم هذا الصراع المفتعل الذي عمر طويلا، أصبح توالي الاعترافات بمغربية الصحراء محور حديث الساعة، حيث يعترف الجميع أننا تجاوزنا محنة محاولة فصل جزء من ترابنا.
نعم فشلت كل المساعي التي استهدفت تقسيم أراضينا بفضل تمسك المغاربة الثابت بمغربية الصحراء واستعدادهم الكامل للتضحية من أجل حماية كل شبر من صحرائنا.
نعم بدأ بزوغ فجر حسم الصراع لصالح المغرب ، ليظل جلالة الملك وفيا لنهج جده وأبيه في الدفاع عن تراب المملكة المغربية داخل حدودها التاريخية الحقة، فبفضل جهوده الدبلوماسية المخلصة وتوظيفه الأمثل للعلاقات الدولية، يستمر المغرب في تعزيز موقفه وكسب التأييد الدولي لقضيته العادلة، فكل خطوة، كل مبادرة، وكل كلمة من جلالته تعكس حبا عميقا وحرصا كبيرا على وحدة وسلامة وحدتنا الوطنية