عادت القاعات.. فهل تعود الأندية السينمائية؟

وادنون تيفي17 مارس 2024
عادت القاعات.. فهل تعود الأندية السينمائية؟
نور الدين بوخصيبي
نور الدين بوخصيبي

 

رب معترض يقول: ان الأندية السينمائية موجودة و فاعلة في الساحة السينمائية المغربية منذ زمان بعيد فكيف تعود؟ نرد على ذلك باختصار ان القاعات السينمائية بدورها موجودة منذ زمان و مع ذلك كنا دائما نطالب، كل حسب إمكانياته و موقعه طبعا، بتأسيس قاعات سينمائية جديدة تستجيب لحاجيات المجتمع و لانتظارات الاجيال الجديدة المتطلعة إلى ما هو أجمل و أرقى..ماذا يعني ذلك؟ انه يعني ببساطة ان التقهقر الحاصل في القاعات السينمائية مشابه إلى حد بعيد للتقهقر الحاصل في الأندية السينمائية.. تراجع كبير في الجانبين على مستوى الكم و النوع على حد سواء.
ذلك يعني أن التراجع الذي عانت منه الأندية السينمائية يرجع في جانب كبير منه إلى تراجع القاعات السينمائية التي كانت هي الرافد و الحافز و الضامن الأساسي لاستقرار و استمرار العديد من الأندية السينمائية ببلادنا. و الملاحظ بالمناسبة أنهما معا، القاعات و الأندية، ظلا معا يقاومان و يواجهان عاديات و نوائب الزمن لسنوات قبل أن تضطر مجموعة من القاعات للاغلاق، ثم للهدم في النهاية، بينما قاومت الأندية بدورها كثيرا، بعضها ظل متشبثا بالقاعات على علاتها، بينما وجدت مجموعة من الأندية نفسها تبحث عن استمراريتها خارج القاعات السينمائية، اما في دور الشباب، أو دور الثقافة، أو في الجامعات او المدارس، أو في مؤسسات أخرى، بوسائل عرض جديدة، مختلفة عما كان عليه الأمر في الماضي.
عموما، لا يسعني المقام لتحليل شامل للوضع الراهن للأندية السينمائية، انما أكتفي بأن أسجل بأن الضربات الموجعة التي تلقتها القاعات السينمائية، تسببت بشكل كبير في تراجع، و حتى في نهاية أو موت مجموعة من الأندية السينمائية، بينما ظلت أندية أخرى متشبثة بالحلم و الأمل مع انها ظلت تعمل في ظروف قاسية…
أكثر من ذلك، بعض الأندية ما تزال تحصن وجودها و تدافع عن شرعيتها و أحقيتها في الوجود مع أنها لا تعرض سوى شريط واحد أو شريطين في السنة، و بعضها لا يعرض بالمرة..
على كل حال.. دون ذكر الأسماء، لا يسعني الا أن أرفع القبعة لبعض الرموز الذين قاوموا و ما زالوا يقاومون بشجاعة كبيرة لتحصين هذا الإرث الثقافي السينمائي الكبير، و بذكاء عرفوا كيف يتعاملون مع المستجدات الطارئة، و مع الاكراهات الصعبة، بل ان من هؤلاء من أبدع أشكالا و أساليب جديدة في عمل النادي السينمائي، و هناك أندية وصل بها الأمر في تحديها للاكراهات، إلى الانتقال إلى الإنتاج السينمائي و نشر كتب و مؤلفات و دوريات، و تنظيم و عقد ملتقيات و مهرجانات سينمائية، مع أن كل هذه التجارب ما تزال بحاجة إلى قراءات دقيقة للوقوف على مكتسبات هذه التجربة و و أيضا على حدودها و سلبياتها…
و الأن هل ستعود الأندية السينمائية إلى وهجها السابق، و هل تعود الجامعة الوطنية للأندية السينمائية إلى قوتها السابقة خلال السبعينيات و الثمانينيات و التسعينيات من القرن الماضي بعد انشاء قاعات سينمائية جديدة صدرت الدفعة الأولى منها مؤخرا، و تصدر الدفعات الأخرى قريبا حسب تصريحات وزارة الثقافة و الاتصال؟ (أنظر ما نشرناه حول هذا الموضوع في صفحتنا هذه).. هذا السؤال أتركه مفتوحا.. المستقبل هو الذي سيجيب عنه بكل تأكيد.. أدرك جيدا أن التاريخ لا يمكن استعادته بالكامل.. أشياء تبقى و أخرى تتلاشى و تتبخر.. هذه سنة الحياة.. و مع ذلك نقر و نؤكد هنا ان تجربة أو تجارب الأندية السينمائية كانت من أهم و أغنى و أعمق التجارب الثقافية و الفنية ببلادنا، لذلك لا أحد يستطيع أن يصادر منا الحق في الحلم باستعادة هذا ” الفردوس المفقود” ، الذي تعلمنا منه الشيء الكثير، و أعطانا الشيء الكثير، و ما زالت اثاره موشومة في عقولنا و أرواحنا..

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.