كل موسم درامي أحاول جاهدا فهم عقلية مثل هؤلاء الكائنات الذين يشاركون في مثل هذا الخراء، تحت عنوان الفن، والفن منهم براء، بل لا يعرفهم ولا تشرفه معرفتهم أصلا، أتساءل دائما هل هذه المُسوخ التي تصنع مثل هذا الخراء تمشي في الأسواق مثلنا، تأكل الطعام، لها مشاعر، تحب، تتزاوج، تنجب، تخجل، تضحك، ولديها حياء مثل باقي البشر؟ أشك في ذلك، فلو كان لها حياء لما أرتنا سنحتها المعوجة والمتعفنة فنيا كل موسم، أية كوميديا هذه التي تتحدثون عنها أيها التافهون الفشلة؟. إليكم عنوان آخر سيعزز مسيرتنا في الرداءة والسفاهة، وسيتربع على عرش الحموضة الموسمية، وسيكون فخر التفاهة الكوميدية في بلادنا، إنه ”ولاد ايزة”، لكن المشكل ليس فيهم، بل فيمن سمح بانتشار مثل هذا الهراء، ومثل هؤلاء البكتريات المنحلة والمتفسخة فنيا، دون رادع يردعها ويوقفها عند حدها.
فمادامت كل الشكايات والصرخات لم تؤت أُكلها، أنصح الفن في المغرب أن يعتمد من الآن فصاعدا على نفسه وأن يستعمل العازل الطبي، حتى لا ينجب لنا مثل هذه الكائنات المعاقة فنيا وفكريا وثقافيا… هل تظنون أنكم تضحكوننا؟ أقسم بالله أنكم تثيرون شفقتنا أكثر من أي شيء آخر، فاللعنة كل اللعنة على الحاجة، بل على ضحالتكم الفكرية التي جعلتكم ترتمون بين أحضان البؤس الذي تسمونه ظلما إبداعا، لكن الذنب ليس ذنبكم ولا ذنبنا نحن الجمهور، فالذنب ذنب فيصل العرايشي الذي خلف وعده، ألم يقر سنة 2021 خلال اجتماع لجنة التعليم والاتصال بمجلس النواب، بأنه غير مقتنع بالسيتكومات والبرامج الكوميدية التي تعرض في شهر رمضان؟ ألم ينتقد ارتجاليتها وطريقة كتابتها؟ وتعهد أمام الملأ بحذفها من البرمجة الرمضانية في القنوات التلفزيونية المغربية ابتداء من موسم 2022 وها نحن في موسم 2024 ولم يتغير أي شيء، بل أصبح الوضع أتفه وأخطر، فيصل العرايشي تراجع عن كلامه وكأنه لم يقل شيئا في مجلس النواب، وتركنا مجددا نعذب أمام شاشاتنا الوطنية وهي تسقينا الحموضة من ”خياشيمنا ”.
وكما نصحتُ الفن في بلادنا، أنصح أيضا قنواتنا البليدة، فعوض عرض مثل هذا الخراء، من الأفضل لها ولنا أن تبرمج لنا دروسا رمضانية في كيفية صنع البغرير والبطبوط والشباكية، ألن يعود ذلك بالنفع على بطوننا وراحتنا النفسية؟ أو تقوم بسرد قصة الحاجّة هشومة، تلك المرأة البدوية الفقيرة الأمية التي ساعدتها الدولة في الحصول على قرض بنكي مهم قيمته 300 درهم، وأنشأت به مقاولة خاصة بتربية الأرانب بدوار ابسيسة، وحضر تدشينها عامل الإقليم المحترم ورئيس الجهة، أظن قصتها بعد الفطور مباشرة وفي وقت الذروة ستكون أكثر درامية وكوميدية وعبثية من أعمالكم الرمضانية التافهة البئيسة الرديئة.
وفي الأخير لا يصح إلا قول كلمة واحدة وهي ”تفوووو” على عفانتكم ونتانتكم المسماة زورا وبهتانا كوميديا وعلى كل من يصفق لها.