نظرا لاهتمامي بالعلاقات المغربية الجزائرية منذ سنوات اواضب قدر المستطاع على قراءة جل ما كتب او نشر حول مسار ومصير وتطورات هذه العلاقات واتيحت لي فرص للقاء بعض الاعلاميين والساسة الجزائريين في مناسبات مختلفة ، في كل لقاء او مقال او كتاب لابد أن نجد فيه ذكر للعلاقات التاريخية المميزة التي ربطت البلدين بل اواصر القربى التي تربط عائلات مغربية بنظيرتها الجزائرية, في هذا السياق تتبعت بامعان حلقات من مذكرات احمد الطالب الابراهيمي وزير تعليم بومدين ووزير خارجية الجزائر في عهد الشاذلي بنجديد حيث أشار في مذكراته على ان الجيش الجزائري وتحديدا جنرالات فرنسا في الجزائر هم السبب الرئيسي في تعطيل التوافق المغربي الجزائري وعلى توقيف قطار الاتحاد المغاربي وبالتالي تفويت فرص التكامل الاقتصادي وتجميع قوى البلدين في زمن التكتلات والتجمعات الاقليمية والدولية الكبرى نفس الأمر ورد في مذكرات اول رئيس جزائري بعد استقلال الجزائر المرحوم احمد بن بلة الذي أكد فيها ان جنرلات فرنسا بالجزائر يتحملون مسؤولية الإيقاع بين المغاربة والجزائريين وفي عرقلة اي تحالف مغربي جزائري قد يهدد مصالح فرنسا والغرب عموما بل الادهى من ذلك انه تم اغتيال قيادات جزائرية كان لها موقف منفتح ومشرف من العلاقات المغربية الجزائرية أمثال قصدي مرتاح و بلقاسم و بوضياف في ظروف ماتزال كل ملابساتها غير واضحة .
الهدف من ذكر هذا كله هو ان نقول بأن استمرار القطيعة المغربية الجزائرية رغم اليد الممدودة التي عبر عنها المغرب على مستوى أعلى سلطة للبلاد في مناسبات عدة يجعل من الضرورة التفكير في حراك مدني وسياسي يجمع نخب و مثقفي وفاعلي البلدين الذين عليهم لعب دور مهم في إعادة العلاقات التاريخية بين البلدين و نزع فتيل التوترات و المشاحنات على صعيدي المجتمع المدني والسياسي وتجاوز الصراعات التي لا تخدم مستقبل البلدين بل هي استمرار للتفرقة التي زرعها الاستعمار الفرنسي لتسهيل استغلال البلدين ، حان الأوان لتدشين عهد مصالحة تاريخية بين البلدين و حل كل القضايا المصطنعة العالقة التي تبقي العلاقات البينية معلقة و متوترة في وقت يتوق فيه الشعبين الجزائري والمغربي لبناء اتحاد مغاربي قوي يحفظ استقرار ووحدة البلدين و ينمي الفرص الاقتصادية المتوفرة والواعدة ويعيد بريق علاقات تاريخية مديدة لبلدين تجمع بينهما اواصر الدين واللغة والمصير المشترك , حان وقت اعتراف الجزائر بسيادة المغرب على صحرائه انتصارا للتاريخ و تعميقا للأخوة التي تجمع الشعبين .
يجب أن يعلم الجميع أن إغلاق الحدود بين البلدين قد أضر بالجانبين وخصوصا من لدن رجال الأعمال الذين خسروا من إغلاق الحدود و تكبدت مشاريعهم خسائر كبيرة في وقت كان الأجدر فيه ان يتم سن حرية التنقل بين البلدين وتشجيع الاستثمارات المتبادلة و عدم تأخير العلاقات لأي سبب من الأسباب لان الحوار المباشر بين البلدين و تغليب المصالح المشتركة وميلاد نخب شابة في السياسة والاقتصاد يمكن الرهان عليها لتجاوز مخلفات العقليات السياسية البائدة التي لم تورث للبلدين سوى القطيعة و الفرقة.