بعد 34 سنة قضيتها في المهنة ومرور عقدين حزت فيها بطاقة الصحافة المهنية إن من وزارة الاتصال أو المجلس الوطني للصحافة، يؤسفني أن أشعركم أني لم أعد “صحافيا مهنيا” (بسبب وثيقة).
لو كانت حالتي في بلد آخر، لكان التكريم والثناء على مشوار حرصت فيه على نقاء مسيرتي واحترام أخلاقيات مهنة اخترتها حبا وليس بغاية الاغتناء أو مراكمة الثروة أو ممارسة الابتزاز وما جاور ذلك.
لكن التكريم جاء بصيغة أخرى، لقد “تكرمت من رجلي” (تحشيت من رجلي) بعد كل هذا وما ستقرؤون.
34 سنة لم أسب ولا قذفت أو شهرت فيها بأحد، ولا سجل في حقي سلوك غير مقبول. لم أجر لمحاكم بسبب أو بدونه، وكنت حريصا على احترام الجميع، فاحترمني الجميع والحمد لله.
ستتساءلون: “ما هي هذه الوثيقة التي أقصتك من تجديد بطاقتك المهنية؟”. والجواب: “التصريح بالأجور لدى الضمان الاجتماعي”.
وهذه حقيقة هذه الوثيقة التي لم تطلب ضمن وثائق الملف طيلة عقدين من حصولي على البطاقة كصحفي حر (free lance)، إلى أن جاء زمن المؤقت.
وثيقة التصريح بالأجور لدى cnss، مفروض أن تخص فقط الأجراء، ما لا ينطبق على حالتي بحكم أني “غير أجير”، يعني لا أتلقى أجرا قارا من مؤسسة واحدة، بل أتعامل مع مؤسسات ولكل مؤسسة تعويض يختلف شهريا حسب الجهد. ومدخولي أصرح به لدى مصالح الضرائب، وقد أدليت للجنة بما يفيد كما باقي الوثائق المطلوبة.
حتى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لم يفتح بعد إمكانية التصريح بالمدخول أو الأجر بالنسبة لحالتي وحالات مماثلة من فئة “صحفي حر”. حتى بالنسبة للتغطية الصحية الإجبارية، لم يفعلها الصندوق إلا العام الماضي بالنسبة للصحفي المهني الحر، وقد انخرطت فيها، بمقدار شهري أؤديه وأدليت بما يفيد ذلك.
وطالما أن لجنة البطاقة المهنية التابعة للجنة المؤقتة، فرضت هذه الوثيقة، فقد حملت في البوابة الخاصة، تجاوزا، شهادة cnss وحتى جرد لمبالغ الاشتراك الشهري وطيلة سنة 2023، كما طلب مني ذلك. وانتظرت وانتظرت، لكن الصدمة كانت قوية.
الجواب في البوابة الخاصة بتجديد البطاقة، كان تارة “غير مكتمل” و”مرفوض” في أخرى، يعني يلزمني أن أدلى بوثيقة التصريح بأجور رغم أني لست أجيرا، كما لو كانت هذه الوثيقة قرآنا منزلا. فكيف لغير الأجير ضمن خانة “صحفي يعمل لحسابه الخاص”، أن يصرح بأجور؟.
طيلة شهرين مرا حاولت مرارا التواصل مع من يهمهم أمر توضيح حالتي. كانت البداية من الهواتف الثابتة للمجلس الوطني للصحافة، التي ترن ولا من مجيب، فحصلت على رقم مكلفة هناك، اتصلت ولا من مجيب. وتواصلت اتصالاتي مع كل من له علاقة باللجنة والبطاقة، لأني لست من النوع الذي يثير الضجة ويفتعل الزوابع.
تواصلت مع اللجنة عبر البريد الإلكتروني réclamations، فشرحت الحالة، وبقيت رسالتي دون جواب.
وبحكم معرفتي المسبقة برئيس لجنة البطاقة تواصلت معه لتوضيح حالتي وشرحها وإطلاعه على الأمر رفعا لأي لبس. للأسف لا الاتصالات الهاتفية ولا رسائل “واتساب” نفعت، وبقي الحال على ما هو عليه، لا أنا أتيحت لي فرصة التوضيح ولا تم تدارك الشرط، في انتظار القرار النهائي للجنة.
لي سؤال لأعضاء اللجنة، هل هم على علم بهذا الرفض ومبرره؟. هل من المعقول رفض تجديد بطاقة صحفي حازها 20 سنة لأجل وثيقة لا تعني حالته؟.
ما يحز في النفس أن تكون هناك حالات مماثلة من فئة “صحفي حر”، أشر على قبول ملفاتهم، إلا حميد الأبيض، لماذا؟، الله أعلم. هذا ما يجعلني أحس بالغبن و”الحكرة”، في انتظار القرار النهائي للجنة بطاقة الصحافة التابعة للجنة المؤقتة للمجلس الوطني للصحافة.
في انتظار ذلك والتوصل برفض مكتوب وما سيعقبه من إجراءات، أصارحكم حقيقة أني نادم على اختيار مهنة أحببتها ودافعت عن كل محاولات إغراقها بالغرباء ومنتحلي الصفة الذين أصبحت منهم بعد 34 سنة من الممارسة المهنية. للأسف الشديد.
وأعدكم بالعودة بالتفصيل لحالتي في أشرطة فيديو، مع إطلاعكم على هويات بعض حائزي البطاقة المفروض فتح تحقيق داخلي في شأنهم من طرف المجلس، وترتيب الجزاءات في حق من منحهم البطاقة دون تدقيق.
شخصيا مع تنقية القطاع من الدخلاء، لكن…. وفي انتظار ما سيعقب لكن.. أشير إلى أن حميد الأبيض صحفي مهني يمارس ومجهوده يتكلم عنه ولغير العالمين ما عليكم إلا الاستنجاد بمحرك البحث “غوغل”.
حميد اسم قبل البطاقة، ولي عودة للموضوع. وشكرا