في الوقت الذي يصر فيه الجيش الإسرائيلي على الادعاء بأن عدد جنوده الذين أصيبوا خلال الحرب على غزة خلال 90 يوماً من القتال لا يتجاوز2300، كشف تقرير إعلامي يستند إلى «مسؤولين يتعاملون مع موضوع الجرحى طيلة 24 ساعة في اليوم على مدى الأسبوع» أن العدد الحقيقي يبلغ أضعاف هذا العدد. وأن الناطق الرسمي للجيش لا يقول الحقيقة.
وقال التقرير، الذي نشره محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع، الجمعة، إن هناك 3400 جندي معاق منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما شنت حركة «حماس» هجومها على الثكنات العسكرية والبلدات اليهودية في غلاف غزة. وأكد أن هذه المعطيات لا تشمل المواطنين الذين أصيبوا منذ بداية الحرب في جنوب وشمال إسرائيل، وبعمليات مسلحة أخرى، ولا تشمل الإصابات الخفيفة والمتوسطة.
وأكد يهوشع أنه يستند بهذه المعطيات إلى مصادر تعنى بالجنود الجرحى، بينها المستشفيات وضباط الصحة في ميدان القتال ومصادر في منظمة «معاقي الجيش الإسرائيلي».
وكشف أن وزارة الدفاع استأجرت خدمات شركة خارجية من أجل دراسة حالات إصابة الجنود خلال عمليات عسكرية وحروب سابقة، من أجل تقدير عدد الجنود الذين سيستوعبون كمعاقين في شعبة التأهيل في الجيش عام 2024، وأن التوقعات هي أن 12500 جندي سيعترف بهم على أنهم معاقون بسبب الحرب على غزة، وأن هذه «تقديرات محافظة وحذرة جداً»، فيما يتوقع أن يصل عدد الجنود الذين سيقدمون طلبات للاعتراف بإعاقاتهم إلى 20 ألفاً، أصيبوا جسدياً أو نفسياً أو كلاهما معاً.
يذكر أن سجلات في شعبة تأهيل الجنود المعاقين تضم حالياً 60 ألف معاق، وهم جنود تم الاعتراف بإصابتهم على أنها تسببت بإعاقة تزيد نسبتها عن 20 بالمائة. وحسب يهوشع، فإنه خلال العام الفائت، تمت إضافة أكثر من 5000 جندي معاق جديد إلى شعبة التأهيل، بينهم 3400 جندي معاق منذ السابع من أكتوبر الماضي. كما يوجد عدد كبير جداً من الإصابات في الأطراف، وأن الجهات المهنية تتحدث عن ضرورة ماسة لإنشاء حاضنة تأهيل واسعة، تشمل ملحقات طبية، وسكناً متاحاً للمعاقين، ومركبات خاصة، ودعم عاملين اجتماعيين ونفسيين، وعلاجات تأهيل مكلفة جداً. «والأطراف الاصطناعية وحدها يمكن أن تصل إلى مبالغ كبيرة من عشرات آلاف الشواقل لأي مصاب». وأضاف أنه في مستشفى «شيبا» رصدوا ظاهرة آخذة بالاتساع، تتمثل بجنود جرحى لا يريدون مغادرة المستشفى والعودة إلى بيوتهم، بسبب «الحاضنة التي يتلقونها هناك وبفضل الوجود المكثف للمنظمات والجمعيات» التي تعنى بالجنود المعاقين.
وكشف أن المبالغ التي تخصصها الوزارة لهؤلاء المعوقين تبلغ 5.5 مليار شيقل في السنة (1.5 مليار دولار). وكشف مراسل آخر في الصحيفة نفسها أن عدد القتلى الإسرائيليين أيضاً لا يُعرف بدقة. ولكن هناك مؤشراً على أن البيانات الإسرائيلية الرسمية متواضعة جداً في هذا المجال، هو ما يحدث في معهد الطب التشريحي في أبو كبير في مدينة يافا.
ففي هذا المعهد يوجد خمسة أطباء. وخلال الحرب كاد يحدث انهيار بسبب الضغط الذي فرضته الحرب، فاضطرت إدارته إلى استقدام 9 أطباء تشريح إضافيين من أوروبا لسد النقص، من كثرة الجثث التي تصل بأعداد غير مسبوقة إليه.
وقال إن المدير العام للمعهد د. حين كوغل، عقد اجتماعاً مع إدارة وزارة الصحة وعرض عليهم الوضع المتأزم في المعهد، طالباً وضع خطة طوارئ سريعة لتزويده بملكات كافية لسد النقص، وحذر من انهيار الخدمات في المعهد إذا استمر هذا الوضع.