أعلن فريق علماء آثار مغاربة، اليوم الجمعة، إكتشاف موقع أثري يحتوي على اكبر حمام روماني بالبلاد، ومدفن، ومكانا للطقوس الدينية، وتمثالا لإلهة رومانية يعود إلى الفترة ما قبل المسيحية، بالإضافة الى زخرفات وأرضيات مرصّعة بالطريقة الرومانية، وذلك بمحيط موقع “شالة” التاريخي بالعاصمة الرباط.
هذه الخطوة الجديدة في التعرف على تاريخ المغرب القديم، تجعل شالة ضمن أهم المواقع الأثرية المغربية، حيث ستحظى بدعم كبير من وزارة الثقافة ليتمكن أطر المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث من التنقيب بالموقع لمدة قد تصل إلى 15 سنة.
وأشاد وزير الشباب و الثقافة و التواصل، محمد المهدي بنسعيد، في الندوة الصحافية المنظمة بمحاذاة الموقع، بفريق البحث المغربي الذي قام بالحفر والاكتشاف، مؤكدا أن هذا الاكتشاف “سيغيّر وجه السياحة الأركيولوجية والثقافية بالرباط”.
وأضاف الوزير “كل ما تحتاجه الأبحاث نحن معه، ولذلك خصصنا ميزانية سنوية قدرها 10 ملايين درهم لتستمر عمليات التنقيب عشرَ سنوات أو خمس عشرة سنة، ونناقش فتح خطّ مع القطاعات الحكومية الأخرى يخصّص لتمويل الأبحاث الأركيولوجية؛ لأننا نعرف تاريخنا، لكن تنقصنا تفاصيلُ، وهذا دور العلماء”.
عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وصف الإكتشاف بأنه“مدينة تخرج من تحت الأرض”، مذكرا أن الأبحاث إنطلقت شهر أبريل من السنة الحالية 2023، بعد سؤالٍ للوزير المهدي بنسعيد عما اكتُشف في محيط شالة، ليكتشف علماء الآثار والطلبة الباحثون في سلك الدكتوراه بالمعهد جدرانا تحيط بالمدينة وتحميها، وحماما عموميا، مضيفا أن هذه الأبحاث تهمّ أيضا البحث عن أثر الفينيقيين الذين تتحدث النصوص التاريخية عن حضورهم بشالة، قائلا: ”لا ندخر جهدا في إيجاد آثار هذا، لأن له أهمية علمية في تراثنا الأركيولوجي”.
وأوضح عبد العزيز الخياري، أستاذ بمعهد الآثار متخصص في الأركيولوجيا ما قبل الإسلامية، أن هذه المنطقة “كانت مهملة ومجهولة ومغطّاة بغابات القصب والنباتات والبنايات، والآن نكتشف جزءا كبيرا من سلا القديمة”.
وتابع الخياري: “لقد صارت المنطقة الثالثة في الأهمية على مستوى المغرب القديم، بعدما كانت في آخر اللائحة، وأظن أننا اكتشفنا أكبر حمام روماني بالمغرب، يتميز بتصميم خاص مبني على مبدأ التماثل، الذي كان في الحمامات الإمبراطورية الرومانية، وبه الكثير من قطع الصباغات الجدارية، ويمكننا بها إعادة التعرف على زخارف كل الغرف، كما عثر على قطع تنتمي لتماثيل متعددة”.
واضاف عالم الآثار: “الحمام الروماني متعدد الفضاءات، وكان فضاء للالتقاء والنقاش والاسترخاء والرياضة، وارتاده الرومان والموريون الذين ترَوْمَنوا مع الوقت”، مرجحا أن هذا الموقع لا يقتصر على “الفترة المورية الرومانية فقط، بل تحته يمكن أن يكون استيطان أقدم يرجع على الأقل إلى القرن الأول قبل الميلاد، فمن الممكن أن المنطقة كانت مسكونة من قبل”.