حوالي 3 أشهر إنتشرت أخبار كالنار في الهشيم ، أبرز عناوينها “إنهم قادمون ” و الذي حول المغرب من بلاد عبور إلى بلد إقامة و إستقرار عشرات الآلاف من الأفارقة النازحين من جنوب الصحراء الطامعين في الحصول على بطائق الإقامة ، بعدما وضعت السلطات إجراءات أكثر مرونة و أقل تكلفة من تلك التي تفرضها دول الإستقبال الأخرى و كأن الحدود شبه مفتوحة في وجه الهجرة غير الشرعية ، في المقابل يوظف جميع الآليات لحماية حدود أروبا ، وهكذا أصبح المغرب سدا للمهاجرين. عشرات الآلاف يحصلون على الإقامة بشكل رسمي بعد أن غيروا رغبتهم للعبور الى اروبا و قرروا البقاء و الإستقرار بالمغرب . إليكم السؤال ، هل نحن بلد مؤهل لإستقبال المهاجرين غير النظاميين ؟ هل نحن بقيمة أمريكا و و المملكة المتحدة و كندا…إلخ ؟ هل يعاني المغرب خصاصا في اليد العاملة ؟ وما خطورة أن تقوم دولة من العالم الثالث بمنح الإقامة للمهاجرين وتحوله لبلد يستقبل الهجرة بدل تصديرها ؟
بعد إنتشار الخبر في عدة بلدان إفريقية أن المغرب يمنح الإقامة بسهولة ، هل سيحرك ذلك مسيرات أخرى نحو المغرب؟ هذا المقال ليس هجوما على المهاجرين بل مجرد نقد ذاتي للحكومة بعد أن أطلقت في سنة 2013 برنامج تسوية وضعية المهاجرين في هدوء تام لإستقرارهم بالمغرب ؛ عوض ترحيلهم لأوطانهم أو تركهم يهاجرون لأروبا. سؤال موجه للجميع ، كم كان عدد الأفارقة المهاجرين و ما هو عددهم اليوم؟ وهل أي دولة تخول لنفسها أن تصبح بلد إقامة ؟ أم أن هناك شروط ضرورية لذلك؟
يتلقى المغرب أموالا طائلة من الإتحاد الأروبي لمحاربة الهجرة غير النظامية تقدر بملايين الأوروهات مقابل منع أخوات و إخوان طراوري و كايتا … إلى العبور لأروبا و مزاحمة شباب ثلثهم عاطلين عن العمل ؛ نحن في الأصل نعيش أزمة اقتصادية خانقة تدفع العديد من الشباب للهجرة بحثا عن الكرمية الأدمية ، حيث المؤشرات تقول أن 45% من المغاربة يعيشون الحرمان الشديد ، وأخرون تحت عتبة الفقر ، كما صرحت رئيسة جمعية ” جود ” سابقا أنه وحسب الأرقام التي صرحت بها المندوبية السامية للتخطيط أن ضمن كل 150 مغربي هناك واحد يتسول في الشارع ، و 196 ألف متسول من بينهم أكثر من %62 إتخذوا التسول وظيفة رسمية ، وأن منظمة unicef صرحت سنة 2015 أن هناك 25 ألف طفل متشرد في المغرب . هذا حالنا واقعنا . أرقام تجعلك تتساءل أين هي الدولة؟
نظرية غريبة تقول أن هناك خطة لإستبدال الشعب المغربي و دفعه للإنقراض ، لأن الوضع الإقتصادي سيء و أن هناك عزوف عن الزواج ، في المقابل 10 الآلاف يحصلون على الإقامة بشكل شبه يومي منذ سنة 2013 , فكيف سيكون الوضع مستقبلا؟ لأن الأرقام توحي أن المناخ ملائم لخلق أقلية أخرى أو مجازا شعب أخر من الحاصلين على الإقامة و الذين كان عددهم سنة 2015 عشرون ألف ، دون أحتساب من لم يحصلوا عليها بعد. كما قلت لكم انا لا أهاجم إخواننا الأفارقة حتى لا أتهم بالعنصرية و التي أعتبرها جريمة نكراء في حق المضطهدين. لكن فقط أحاول أن أوضح مدى خطورة هذه الخطوة ولأعطي وجهة نظري حول ما يمكن ربما أن يحدث سنة 2030 , على سبيل المثال حصل 6000 ألالاف مهاجر على الإقامة بطنجة وحدها و شركة رونو التي صنعت مليون سيارة توفر 6000 ألف منصب شغل للمغاربة وهو نفس عدد المهاجرين الحاصلين على الإقامة سنة 2015 , أما عدد المهاجرين اليوم فقد إرتفع الى ضعفين ، في المقابل هناك مهاجرين ظهروا بالعديد من الأحياء في المغرب يصل عددهم قرابة100ألف أو ربما أكثر ، إنه جيش من المهاجرين يحتاجون للعمل و الطعام حيث أصبحت حقوقهم كالمغاربة بعد أن منحوا الإقامة . أنه خطأ الحكومة وليس خطأ المهاجر لأنه يبقى إنسانا يبحث عن مكان يضمن فيه كرامته و حقوقه ، و هذا من حقه ، لواجه المغرب تحديات من نوع أخر تفرض عليه الإلتزام بتعهداته الإقليمية و الدولية خصوصا فيما يتعلق بحقوقهم القانونية ، لهذا أرى أن المغرب غير مؤهل لإستقبال المهاجرين لأن مكانهم في الدول التي يرتفع فيها مؤشر الشيخوخة ولديها اقتصاد قوي يفرض عليها اليد العاملة ، على سبيل المثال إسبانيا و التي تستقبل كل سنة عاملات مغربيات للعمل في حقول الفراولة ، و هذا لا يؤثر على حياة المواطن أو يضايقه في رغيف عيشه ، بالعكس ، إسبانيا تستفيد من المهاجرين، فقط ترفض دخولهم أفواجا دفعة واحدة ، أما بالنسبة للمغرب فالمواطن في الأصل يعاني من قلة فرص الشغل و البطالة وهذا قد يؤدي الى اصطدام بينه وبين صاحب الأقامة من أجل رغيف خبز مما سيزيد من إرتفاع معدل البطالة ، لهذا صعب جدا أن تتخد دولة من العالم الثالث قرارا لمنح الإقامة.
في الختام ، كان من المفروض أن تستغل الأموال الممنوحة من قبل الإتحاد الأروبي لغلق الحدود الجنوبية في وجه الهجرة غير النظامية ، وليس حماية حدود أروبا كما جاء على لسان وزير الخارجية يوما ” المغرب ليس دركيا عند أروبا ” على لسان رئيسة المفوضية الأروبية أن أروبا ستشدد حراسة حدودها لإبعاد المهاجرين غير المرغوب فيهم ، لهذا نأمل أن ينتبه المسؤولين لمشكل الهجرة اليوم قبل الغد وإلا سيأتي يوم يقولون فيه ” فات الأوان “.