حكم قضائي”مخفف” في قضية إغتصاب طفلة تيفلت يخلق إستياءا واسعا وجدلا حقوقيا 

وادنون تيفي2 أبريل 2023
حكم قضائي”مخفف” في قضية إغتصاب طفلة تيفلت يخلق إستياءا واسعا وجدلا حقوقيا 
وادنون تيفي: محجوبة عدي

أشعل الحكم القضائي في قضية الفتاة ذات ال11 سنة، والتي وضعت طفلا ناتجا عن جريمة الاغتصاب قبل أسابيع، عاصفة غضب على مواقع التواصل الإجتماعي، وتنديدات متواترة من منظمات حقوقية وسياسية و أطراف حكومية مغربية، وعلقت عليه بالقول إنه “كان ظالما في حق الضحية والحق العام”.

 

وكانت المحكمة قد أصدرت حكمها في حق متهَمَيْن بالسجن لمدة عامين، وأداء غرامة قدرها 20 ألف درهم، فيما حكمت على المتهم الثالث بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها 30 ألف درهم .لا سيّما وأنّ العقوبة على هاتين التهمتين لا تقلّ عن السجن 10 أعوام ويمكن أن تصل إلى السجن لمدّة 20 عاماً.

 

تفجرت قضية الفتاة المغتصبة في مطلع أبريل 2022، لتكسر هدوء قرية الغزاونة بضواحي مدينة تيفلت جنوب شرق الرباط، إذ اقتحم ثلاثة أشخاص، أعمارهم 25 و32 و37 عاماً، منزل الضحية مستغلين عدم تواجد والدها، وقاموا بالتناوب على إغتصابها وفض بكارتها وتهديدها من أجل عدم إخبار أسرتها، ليتكرر الفعل مراراً حتى نتج عنه حمل الطفلة القاصر، حسب تقارير إعلامية.

 

ويرى رئيس جمعية منتدى الطفولة، عبد العالي الرامي، أن تخفيف أحكام جرائم الاغتصاب “هو اغتصاب من جديد”، مضيفا:”ننتظر من القضاء المغربي أن يكون صارماً وحازماً في مثل هذه القضايا من أجل القضاء عليها، ويكون المعتدي عبرة للمجتمع لحماية الطفولة من الاغتصاب والاعتداء والعنف”.

 

وفي رسالة وجهتها إلى وزير العدل، إستنكرت الكاتبة وعالمة الإجتماع سمية نعمان جسوس “الحكم المخفف” في هذه القضية، داعية إلى تشديد العقوبات على المتورطين في الواقعة “هل اعتبر القضاة أن عملية الإغتصاب المتكررة هذه، في عصابة منظمة، من قبل 3 رجال بالغين، على قاصر تبلغ من العمر 11 عاماً، تمت الموافقة عليها؟ وطبقاً لقانون العقوبات، إذا تم الإغتصاب ضد قاصر دون سن 18، تكون العقوبة السجن لمدة 10 إلى 20 سنة (المادة 486). في حالة حدوث فض البكارة، تكون العقوبة السجن 20 إلى 30 سنة (المادة 488)، نحن بعيدون جداً عن السنتين اللتين أعلنتهما المحكمة”.

 

بدورها أعربت نجاة أنور، رئيسة جمعية “متقيش ولدي” للدفاع عن حقوق الطفل، عن إستنكار الحكم القضائي الذي وصفته بـ”المتساهل”، وإعتبرته “ذو وقع كبير ومنافي لمكتسبات مهمة حققتها بلادنا في مجال حماية الطفل وصون كرامته”، وتابعت “يؤسفنا ما صدر من حكم في هذه القضية الذي جعلنا نعيد نفس التساؤل الذي طرحتموه علينا، و نناضل من أجل معالجته، فالقوانين ليست واضحة، ولم تتلائم بعد مع ما صادق عليه المغرب من مواثيق دولية، والسلطة التقديرية المخولة أيضاً سبب في صدور مثل هذه الأحكام المجحفة. قد حان الوقت لوضع حد لهذا المشكل”.

 

من جانبها، قالت ليلى أميلي، رئيسة جمعية “أيادي حرة”: “مازالت مثل هذه الممارسات اللا أخلاقية، خصوصا أن الإغتصاب كان في حق طفلة وأدى إلى حمل، وبالتالي مستقبل الطفلة في خطر”، وأردفت: “هؤلاء وحوش آدمية تعيش وسط الناس. يجب الحد من هذه الجرائم بالعقوبات وإنصاف الأسر”.

 

فدرالية رابطة حقوق النساء دخلت على الخط وقالت بدورها: “هذا الحكم الذي لا يتطابق مع فظاعة وبشاعة الجريمة المرتكبة في حق الطفلة، شكل صدمة قوية للرأي العام المغربي والجمعيات النسائية وكل القوى الحية؛ لكون العقوبة الصادرة لا تتلاءم مع فظاعة ووحشية الجريمة المرتكبة في حق الطفلة التي إغتصبت مرارا وهددت بالقتل إن هي أخبرت أسرتها بالواقعة”، وطالبت بـ”إعادة النظر في هذا الحكم الظالم الذي يسيء لسمعة العدالة المغربية في المرحلة الإستئنافية، مع تشديده في حق الجناة/العصابة لكي يكونوا عبرة لكل من سولت له نفسه الاعتداء على حرمة جسد الآخرين، طفلات كن أو نساء أو أطفالا”.

 

وفي بيان صادر عن المركز الوطني لمكافحة العنف والاعتداءات ضد الأطفال، طالب خالد الشرقاوي السموني، بـ”تشديد العقوبات خلال مراحل التقاضي في هذه القضية”، و”فتح تحقيق من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول ملابسات صدور هذا الحكم الغريب، مع ترتيب الآثار القانونية اللازمة”.

 

و في تصريح صحافي، أوضح وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، أنه “صعق لمضمون الحكم في حق المتهمين في ملف إغتصاب الطفلة”، مضيفا أن الموضوع مازال أمام القضاء في درجة تقاض أعلى، معبرا عن إرتياحه لخطوة إستئناف النيابة العامة الحكم حماية لحقوق الضحية وحسن تطبيق القانون، وعبر عن إهتمامه وتتبعه كمسؤول حكومي لهذا الملف من خلال تعيين مساعدتين إجتماعيتين من مصالح الوزارة لمواكبة الطفلة الضحية، في حدود مجالات إختصاصات المساعدات الإجتماعيات في هذا الملف الإجتماعي والقضائي والإنساني الهام.

 

وذكرت جمعية “جسور ملتقى النساء المغربيات” في بيان صحافي، يوم الجمعة، أنها تابعت بأسف شديد الحكم بسنتين سجنا على المتهمين في قضية الإغتصاب، مطالبة الجهات القضائية بالتحرك الفوري والعاجل بفتح تحقيق نزيه يضمن حقوق هذه الطفلة البريئة مع تشديد العقوبات وترتيب الجزاءات والآثار القانونية اللازمة لهذا الفعل الإجرامي الشنيع، وفق بيانها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.