لما طالب الشارع المغربي بابن البلد “وليد” ليكون بديلا ل”وحيد”، فقد سئم خلالها من دروس الأجنبي، وهو يرى تجارب ناجحة لمنتخبات يقودها فلاسفة اوطانهم، وتعب من النكسات الكروية، سيما وفي إلحاحه كان يعقد الأمل على الخيار الوطني لعله يتقاسم معه احساس الدواخل قبل تفاعل التقاسيم، واشعار المواساة…
لم يكن عبثا ان يتردد على الألسن إسم “وليد الركراكي”، ليس بمقياس سنوات الجهاد الوطني في الجبهة اليمنى للمنتخب، او تواجد اسمه ضمن صناع ملحمة رادس عام 2004، بل لأن الرجل التلقائي بعربيته الجميلة، وإجاباته الصريحة رٱه المغاربة مدرب بفلسفة استثنائية، لما لا وقد كتب إسم الفتح الرباطي قاريا، وواصل ذلك صحبة الوداد مع إضافة وطنيا ايضا.
صاحب الأمر، بثقة عالية ” ديرو النية”، اخد المنتخب في ظرف وجيز بعد هدر الزمن في خطوة فسخ عقد المدرب السابق، البوسني “وحيد خاليلوزيتش”، فالتحق بالميدان والعمل سريعا، وبدأ ذلك بتواصله مع قائمة اللاعبين، من بينهم تبعات المراحل السابقة، لتلطيف الاجواء، وطي تجاذبات واختلافات الأمس، قبل ان ينجح في ذلك، ويجمع الشمل الذي تفرق لأعوام، حتى كادت ان تؤدي كرة القدم الوطنية الثمن بمحاولة البعض الإعتزال دوليا، لاسيما في عز العطاء، والمنتخب في اوج الحاجة لخدماتهم.
نجح وليد في جمع الأسماء غير ٱبه لاستفزازات البعض، ومحاولة ٱخرين التقليل منه بعد ان ترك ذلك جانبا، وانكب على ماهو اهم واعمق، وكأن الرجل سبق وان سافر بين صفحات السيرة الذاتية ل ” نيلسون مانديلا”، فالمطالب الشعبية باسمه على رأس المنتخب في توليفته الفنية هي ثقل لا يعادله وزنا سوى ما كتبه الأصمعي على عمود الرخام الذي ورثه عن ابوه في تحدى للخليفة العباسي “أبا جعفر المنصور”، وهو هاجس يسكن الرجل الطامح لكتابة مجد المنتخب، ورسم الابتسامة على محيا ازيد من اربعين مليون مغربي يبحثون في الرياضة عن ما لم يجدوه في مناحي اخرى من الحياة….
وليد او “الافوكادو” كما يطلق عليه شعبيا، واصل صنع الفارق ليس في الٱداء والأرقام، ولكن أيضا في إعادة الانضباط والصرامة للمنتخب، فهو المدرب اللاعب الذي يفهم لغة اللاعبين سواء بمعجم الإحتراف او المنتخب، جنبا لعقلية اللاعب المحلي بعد اعوام من صبر اغوارها في البطولة الوطنية صحبة الفتح الرباطي والوداد الرياضي.
في ٱخر ندوة صحفية قبيل موقعة ستاد الثمامة امام المنتخب البلجيكي وجه الجميع نحو ماهو اهم، وماهو في حاجة إليه اللاعبون نفسيا، وهو الدعم بالتشجيع من اجل حفزهم على إخراج المخزون، والضغط عليهم لمضاعفة المجهود، وهو ما تم بثنائية ماتعة عبر خيارات تاكتيكية برهنت عن حسن القراءة للعب، وثقة النفس في الخيارت البديلة…
“ديرو النية” جملة عامية لا تخرج عن لسان قائلها، اجاب عنها وليد محافظا على تقاسيم الوجوه عند سماعها، وان اختلفت خلفيتها بين الاستهزاء وفرحة النصر…