بقلم :محجوبة عدي.
اختتمت بعد ظهر أمس الاربعاء أشغال القمة العربية “لم الشمل” بالجزائر والتي امتدت اشغالها على مدار يومين، بحضور رؤساء دول وغياب ملوك وأمراء ورؤساء دول وازنة.
وافتتحت أعمال القمة بكلمة للرئيس التونسي قيس سعيّد رئيس الدورة الماضية، دعا فيها إلى “تجاوز الخلافات” و”لم الشمل” من أجل الانتصار على من يشنون “حربا ضروسا لإسقاط الدول” سلم بعدها رئاسة الدورة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.ثم تناولت عدد من الدول العربية الكلمة تبرز فيها رؤيتها بشأن عدد من القضايا الإقليمية والجهوية؛ فيما لم يتناول الوفد المغربي، الذي كان يترأسه وزير الخارجية ناصر بوريطة، الكلمة.
وقد توجت أشغال القمة بالمصادقة على بيانها الختامي “إعلان الجزائر” الذي تمت تلاوته من طرف المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، السفيز نذير العرباوي، والموافقة على عقد القمة ال32 بالمملكة العربية السعودية.
شدد “اعلان الجزائر”ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل بالشرق الأوسط.و تمسك القادة والرؤساء العرب بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها وأولوياتها، والالتزام بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي.
كما أكد “إعلان الجزائر” على الالتزام بمبادئ عدم الانحياز وبالموقف العربي المشترك من الحرب في أوكرانيا الذي يقوم على نبذ استعمال القوة والسعي لتفعيل خيار السلام عبر الانخراط الفعلي لمجموعة الاتصال الوزارية العربية.
ودعا القادة العرب إلى حل ليبي ليبي يحفظ وحدة وسيادة ليبيا والوصول إلى انتخابات في أسرع وقت، مع التأكيد على رفض التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية.
ونص الإعلان على أنه إدراكا من الدول العربية للظروف الدقيقة والتطورات المتسارعة على الساحة الدولية وما تنبئ به حالة الاستقطاب الراهنة من بوادر إعادة تشكيل موازين القوى، مع كل ما يحمله هذا الوضع من مخاطر على الأمن القومي العربي وكيانات الدول واستقرارها وما يمليه من حتمية توحيد الجهود بغية الحفاظ على المصالح المشتركة العربية والتموقع كفاعل مؤثر في رسم معالم نظام دولي جديد يقوم على العدل والمساواة السيادية بين الدول.
ودعا الإعلان إلى العمل على تعزيز العمل العربي المشترك لحماية الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل وبكل أبعاده السياسية والاقتصادية والغذائية والطاقوية والمائية والبيئية، والمساهمة في حل وإنهاء الأزمات التي تمر بها بعض الدول العربية.
كما دعا إلى تفعيل دور جامعة الدول العربية في الوقاية من النزاعات وحلها وتكريس البعد الشعبي وتعزيز مكانة الشباب والابتكار في العمل العربي المشترك.
وشدد على أهمية الالتزام بمضاعفة الجهود لتجسيد مشروع التكامل الاقتصادي العربي وفق رؤية شاملة تكفل الاستغلال الأمثل لمقومات الاقتصادات العربية وللفرص الثمينة التي تتيحها، بهدف التفعيل الكامل لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تمهيدا لإقامة الاتحاد الجمركي العربي.
من ناحية أخرى، شدد الإعلان على مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.
وتبنى إعلان الجزائر دعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعوة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بذلك، والترحيب بتوقيع الفلسطينيين على “إعلان الجزائر” المنبثق عن “مؤتمر لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية” المنعقد بالجزائر في 13 أكتوبر الماضي.
وفي حدث رمزي عقب نهاية القمة، أشرف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على وضع حجر الأساس لبناء “إقامة دولة فلسطين”، وذلك بمحاذاة مقر السفارة بأعالي الجزائر العاصمة. وسيقام هذا البناء على قطعة أرض وهبت من طرف الدولة الجزائرية إلى دولة فلسطين بتوجيهات من الرئيس تبون، وفق السلطات الجزائرية.
كما أعلن دعمه للحكومة الشرعية اليمنية ومباركته تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ودعم الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية وفق المرجعيات المعتمدة مع التشديد على ضرورة تجديد الهدنة الإنسانية كخطوة أساسية نحو هذا المسار الهادف إلى تحقيق تسوية سياسية شاملة تضمن وحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه وأمن دول الخليج العربي ورفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية.
ونص إعلان الجزائر على قيام الدول العربية بدور جماعي قيادي للمساهمة في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ومعالجة كل تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية والاقتصادية، بما يضمن وحدة سورية وسيادتها ويحقق طموحات شعبها ويعيد لها أمنها واستقرارها ومكانتها إقليميا ودوليا.
وجدد التضامن مع لبنان للحفاظ على أمنه واستقراره ودعم الخطوات التي اتخذها لبسط سيادته على أقاليمه البرية والبحرية والإعراب عن التطلع لأن يقوم لبنان بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وأن يقوم مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد للبلاد.
وثمن إعلان الجزائر السياسة المتوازنة التي انتهجها تحالف “أوبك +” من أجل ضمان استقرار الأسواق العالمية للطاقة واستدامة الاستثمارات في هذا القطاع الحساس ضمن مقاربة اقتصادية تضمن حماية مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء.