الحمادة والبطانة ليست أرض خلاء… هي الصحراء النابضة بوجودنا والصادحة بآثار استقرارنا (2)

وادنون تيفي8 سبتمبر 2022
الحمادة والبطانة ليست أرض خلاء… هي الصحراء النابضة بوجودنا والصادحة بآثار استقرارنا (2)
وادنون تيفي
بقلم : سويدي تمكليت

لبطانة ولحمادة المجال الألوف والنافر، المؤنس والموحش، الجاذب والمرعب في الآن نفسه، الكونُ الحيويُّ الذي كان يموجُ بالحركية وديدنُ حياة البداوة والاستقرار، وتجتابه قوافلنا و”امْرَاكِيبُنا” و”امْرَاكِيبْ” غيرنا جيئة وذهابا، طولا وعرضا، فكان موطنًا يَلْهَجُ –ومازال- بذكرهم وأخبارهم ومآثر استقرارهم حتى اليوم…

فهذا المجال الجغرافي لا أخفي حجم التعلُّق الذي ربطني به وأوقعني -في النهاية- في غرامه، وكيف لا يحدث هذا، وهو موطن أجدادي ومجال أحياء أهلي، كانت به مضارب خيامهم، ومسرح طفولتهم وشبابهم، يحملُ أصالة شعورهم وصفاءَ ذهنهم، وامتدادته تنبض بإيقاعات دبيبهم ومفاخر أمجادهم، وهواه ينثر طيب مسك أخبارهم وآثارهم وآثار أحفادهم… فلقد كان ذلك التردد على زيارته والصول والجولان بين وديانه الساحرة، وشعابه الآسرة، وتضاريسه الباهرة، يهمس في أذني طوال سنوات مضت؛ لحنًا جميلًا بمعازفَ أصيلَة، ونداءً جليلًا بدعوات نبيلة، وبمطلوب كبير كم كان عِبئُهُ عليَّ ثقيلا، خصوصا والسنوات أراها تطوى وهي مسرعة عجولة؟… فما كان من حظِّ تلك المسوغات فييّ أن حملني على الجهر بالبحث فيه، والاستجابة لنداء التعريف به، وتدوين ما يمكن تدوينه من أخباره وحوادثه وآثار دبيب الحياة فيه…

فبعد أن قدمت في “الجزء الأول” من هذه “الالتفاتة العاجلة” بتقديم بعض الإضاءات المتفرقة بشأن هذا المجال الصحراوي المترامي الأطراف (لبطانة ولحمادة) الذي ظل بمنأى عن أي تقدير أو مسح دراسي ميداني؛ يستنطق شواهده، ويتقصَّى أخباره، ويستعلم الأعجمي من فصول بعض تاريخه، وتعقُّب جانب من آثار بعض سكانه وأعلام رجالاته وحوادث وقائعه وغيرها بما من شأنه سَدَّ النَّقصَ والشح والندرة الدراسية، وتسليط الضوء على بعض مناطق العتمة حوله التي جعلته –حتى اليوم- بمعزل عن اشتغال كل الباحثين واهتمامات مسوحاتهم الدراسية… أراني اليوم مشدودا إلى لفت المزيد من الانتباه إليه وتقديم ما يمكن تقديمه من الإشارات النافعة والأخبار الموثقة والموثوقة المتعلقة به تعميمًا للفائدة، وتحقيقا للحاجة الدراسية ومقاصدها العلمية…

وحفاظا على الذاكرة وشواهدها القائمة؛ الصماء والمكتوبة والشفوية، فقد أوليت عناية فائقة واهتماما كبيرا ومتزايدا لهذه المصادر في تجميع كل المعطيات والإفادات والأخبار المتعلقة بمجال هذه الدراسة، والتي حاولت أن أنثر بعضا منها في هذه الالتفاتات المقتضبة على أن تُدلِّل قطوفها وغلّ حصادها وتفتح نقاشا يساهم في تطوير مشروعها المفتوح ويغني مراميها المتعددة.

وعليه، فإن صحراء لبطانة ولحمادة –وكما أشرت سابقا- تعجُّ بالكثير من المواضع التي تنتشر فيها أشجار النخيل (لَبْلُودَة) ذات الحال المنضود، الكثيف والمعدود، المترابط والمتباعد، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر من الجهة الشرقية منها: “بُو گَرْبَةْ” و”آوْرَا”، و”أَعْوَيْنَاتْ لَحْنَشْ” وهي مسارب طبيعية (أَفْضَيْرَاتْ) تصب في اتجاه “آوْرَا”، و”إِيدُّو”، و”وَادْ الزَّاكْ”، و”أَعْوَيْنَاتْ أَلْحَلْفَةْ” إلخ… أما من الجهة الغربية للبطانة انطلاقا من نتوءات سلسلة “لَكْرَبْ” الشهيرة، فيتوزع النخيل في واحات وتمركزات أوساط طبيعية آسرة وساحرة، نذكر منها على سبيل المثال: النخيل الموجود بمنطقة “تَامَالِيحَتْ”، وبـ “أصفيصيفة” و”أخريبيشة” (وحَرِيُّ بالإشارة هنا أن يعلم القارئ بأن الموضعين بوادٍ واحد، يطلق على الجزء العلوي منه أَخْرَيْبِيشَةْ وعلى السفلي أَصْفَيْصِيفَةْ) وأظن الأخير سُمِيَّ بذلك نسبة إلى أشجار أو نبات الصفصاف، وهي واحة في ملكية “آمفاليس” اشتراها جد “أَهَلْ بَنْعوَيسْ” وجدِّ “لَگْرَاوِيزْ” قديما من ذرية سيدي أيوب الوهداوي (إِعَزَّى ويهدَى) عام 1200 هجرية ونيف إلخ… كما نرصد بذات المجال الصحراوي (لبطانة) وعلى طول الشريط المحاذي لجبال “وَارَگْزِيزْ” من جهة مطلع الشمس (مَسَّمَّسْ وَارَگْزِيزْ) انتشارا فسيفسائيا لشبكات من واحات النخيل نذكر من بينها من الغرب فاتجاه الشرق: نخيل “آوْزِيلَيفْتْ” وواحة “بُو گَجُّوف”، وواحة “أَمَطِّي” وأظنها سُمِيت كذلك على نوع من الصمغ الذي ينتجه شجر شوكي من صنف الأحراش الصحراوية الناذرة جدا والمنتشرة بعض بقاياها هناك “آفْرَارْ” أو ما يشبهه (وقد لاحظت وعاينت أنه كلما يبست شجرة منه صار جذعها وأغصانها خفيفة للغاية كخفة الفلين)، أو لربما قد اشتق عَلَمُهُ لفظ “المطي”، وواحة “تِيغَرْفِينْ” وأسفلها في منعطف النهر، ونخل “تَامْضَيْرِسْتْ”، وأخر في غربها قبالة فج (أَمْخَيْنَگْ) أظنه يسمى “أَمْضَيْرَسْ” إلخ…

ولئن كانت هذه الأوساط الواحية التي يُطلقُ على بعض تمركزاتها باللسان المحلي الحسّاني “آگْلِي” قد ارتبطت بأجداد بعض القبائل المحلية أو ببعض بطونها أو العوائل منها بالشراءً أو الإراثة أو الاستغلال أو الحيّازةً كما وقفنا على ذلك من خلال ثلاث مصادر أساسية؛ أولاها المصادر الصماء: كشواهد أضرحة بعض الأولياء بها من القبيلة أو مقابر بعض الأسر وأفرادها أو كمعالم النشاط الفلاحي والزراعي من آخاديد عمارة السقي وآثار الحقول المندرسة أو الأشجار المثمرة الطارئة على الغطاء النباتي المألوف في المنطقة إلخ… وثانيها؛ المصادر المكتوبة: كالوثائق المحفوظة التي تحوزها بعض الأسر إلى اليوم أو المفقودة التي ضاعت بموجب عاديات الزمن وبعض العوامل المتظافرة الصعبة التي شهدتها المنطقة في تاريخها الميكرو-جهوي أو محلي أو أنها ما زالت مخفية لم تمتد بعد إليها اليد…  وثالثها المصادر الشفوية؛ كالأخبار والمسرودات والإفادات المتناقلة مشافهة وباطراد بين الأهالي إلى اليوم…

وقد أتاحت هذه الأوساط الواحية ونقطها الخضراء وما وفرته من موارد وإمكانيات –رغم محدوديتها- وامتهنت فيها من نشاطات جانبا من الاستقرار و”اَلتُّوكَارْ” و”اَلْگَيْطْنَةْ” لبدو المنطقة وسكانها، والناظر في محيطها يرصُدُ بعضًا من مظاهر ذلك التعمير أو الاستيطان القديم أو الحديث البارز أو المندرس (الخافت)، بل إن بعضها توجد به معالم جنائزية لفترات متقدمة من الزمن إلى جانب ما يشبه المباني التاريخية كما هو الحال مثلا لموضع أَخْرَيْبِيشَةْ وواحة أَمَطِّي التي اتخذها الإسبان في التاريخ المعاصر إبان تغلغله في المنطقة نقطة مراقبة عسكرية كانت تابعة إداريَّا وعسكريّا لمركزهم الشهير بـ “خَنْگَةْ أتْوَيْزْگِي اَلرَّمْثْ” التي أحدثوا بها ثكنة عسكرية تضم مكتبا للشؤون الأهلية ومستوصفا طبيّا ومرافق أخرى… وبِرَقٍّ (رَگْ) في مدخل واد أمطي الجنوبي للواحة هذا آثار مطار عسكري إسباني طويل -مازالت معالمه ورسومات من الحجارة به قائمة – كانت تستعمله الطائرات المستعمر الإسباني محطة جويه لها إلى جانب معالم محطة أخرى للسيارات العسكرية بطرف الناحية الأخرى من ضفة مدخل الوادي، علاوة على حائط اسمنتي من الحجارة (نُصب) كان بمثابة لوحة تشوير تحمل معطيات تتعلق بطول المسافة الرابطة بين “أَمَطِّي” هذا، وثلاث مناطق هي على التوالي: “َتْوَيْزْگِي اَلرَّمْثْ”، واَلزَّاكْ”، و”تِنْدُوفْ”… وقد كانت هذا الحيّز الجغرافي من لبطانة وحتى الضفة الجنوبية لوادي درعة ضمن ما يعرف لدى الإدارة الإسبانية بـ “Zona sur de Protectorado en Morruecos” أي “المنطقة الجنوبية من المحمية في المغرب”.

وبهذا المكان (واحة أَمَطِّي) على المنحدر الجبلي الشرقي المصاقب له شُيِّدت على امتداد ما يربو عن 600 متر قلعة من الحجارة الجبلية المتراصّة، عبارة عن ثكنة عسكرية توسّعت في مبناها لاحقا بعدما كانت مركزا إسبانيا مع عمليات جيش التحرير، يُسوّرها سور من الجهات الأربعة، وفي عمق الوادي غير بعيد من مدخله وتحديدا بمترات معدودة من النخيل بجهة الغرب على مقربة من بئر قديمة غير معطلة حفرتها في أول الأمر جماعتين من إحدى قبائل المنطقة خلال العشرية الأولى من القرن الماضي ثم أولتها لاحقا الإدارة الإسبانية بعنايتها اللازمة من خلال ترميمها ووضع محرك آلي بها لرفع ضخ المياه، وعين قريبة –يقال بأنها الأقدم وجودا- ما تزال شواهدها قائمة وماؤها جاريا، تنتصب مباني من الطوب (بيوتات) متباعدة قليلا، كان قد بعض الأفراد من قبائل المنطقة قد شيّدوها هناك؛ تعود لكل من؛ أهل أحمد سالم الكبش البوجمعاويين (الحسين ولد إبراهيم ولد الكبش)، وأهل الشرگاوي الإداوتيين (المرحوم الحسين ولد الشرگاوي)، وأهل السملالي البوجمعاويين (الشيخ أحويسنات ولد السملالي)، وأهل ملد الإداوتيين (المرحوم الشيخ محمد ولد ملد) إلخ… كما كانت إلى جانب ذلك تتمركز هناك فرگان وتجمعات أحياء للبدو في رحاب هذه الأطراف، وكان من بين شيوخ هذه الناحية آنذاك المرحوم امحمّد ولد ملد ولد عبلا الإيداوتي وعدد من الوجهاء لا يتسع المقام هنا لذكرهم…

وقد اشتغل بعضهم بسلك الحراسة الإسبانية كان أشهرهم بهذه الربوع الفارس المرحوم “أحمد لعبيد ولد بونيت البوجمعاوي” وغيره، وقد عُدَّ من أمهر الصيّادين للوحيش يوثر مرافقته الضباط والملازمون الإسبان، وكانت عشيرته وأبناء أوتِيَّ (إداوتيا) وغيرهم من مُعمِّري تلك الناحية والساقية الحمراء (توفيَّ والده حَمَّاد ولد بُو نِّيت ودفن عند نخلة لَمْسَيَّد وقبره مشهور هناك)، وفي أقصى الشريط جهة الشرق بمركز “خَنْگَةْ أتْوَيْزْگِي اَلرَّمْثْ” واحة تحوز مُلكها عوائل وبطون من أَيت وعبان وبني أحايك ويعزى ويهدى، وقد عُجّت هي الأخرى بمبانٍ وبيوتات لعدد من سكان المنطقة وغيرهم من باقي البطون (سيأتي تفصيل القول فيها لاحقا). غير أن الحرب الطويلة التي عرفتها الصحراء وخاصة بهذا المجال في مراحلها المختلفة، قد غيرت للأسف الشديد من معالم هذه الآثار وألحقت أضرارا جسيمة بشواهدها التي استخدمت الكثير من مواد خامها في تشييد وبناء الثكنات وحفر الآخاديد وغيرها…

وارتباطًا بالتوطين والتعمير وحركة الاستقرار هاته بالمجال، وما رافقها من أنشطة اقتصادية –بمعزل عن النشاط الرعوي القائم باستمرار- فقد كانت “گَارَةْ اَلتْمَرْ” شاهدة على السوق التجارية القديمة للظاعنين هناك وقوافل التجارة التي كانت تستجلب هذه المادة الغذائية إلى المنطقة لتسويقها والتبضع فيها، فضلا عن تلك المساحات الزراعية الخاصة (لگْرَايِرْ) المتمايزة في انتشارها ومزارعيها ومقادير محاصيلها كـ “اگْرَارَةْ اشْيَاهُو” الوعباني المشهورة ببوجنيبة لجدهم في غرب الزاك، وذلك ما بين موضعي “آگْرُورْ” و”بُوجْنَيْبَةْ” إلخ… ومجموعة من الحقول والفَدَادِين (لَمَعَادَرْ) التي كانت كان أغلبها عبارة عن أشرطة طويلة أو محدودة بضفاف بعض الأودية الكبرى أو الصغرى تغطي جنباتها، أهمها؛  المعادر (الفَدَادِين) الممتدة على طول “وادي تِيْغْزَتْ وحتى آخْزَانْ” (ويجب أن يعلم القارئ أن هذا المجال واحد حتى لا يلتبس فهمه فيظن أنهما وادان، فالوادي من الأسفل يطلق عليه تِيغْزَرْتْ ومن الأعلى آخْزَانْ)، فمن موضع “أَمْ اَلشَّوْفْ” وحتى آخزان كانت كلها فدادين “اَمْعَادَرْ” للزراعة، تمتد على ما يقارب ستة وثمانين (86) كلومترا، وكان غلُّ حصادها في بعض السنوات كبيرا للغاية على ما ساقه لي الكثير من المستجوبين. لذلك فعلى طول هذا الحزام الزراعي المتميز بغنى التربة والغطاء النباتي كانت تتموقع الكثير من الحقول الزراعية التي حرثها الأسلاف وحتى عهود متأخرة (وتوجد وثيقة استعمارية موجهة من حاكم فرنسي إلى قرينه إسباني بالمنطقة تحدثه عن هذه الأراضي وحقولها تابعة لملك وحيازة السكان ويحرثونها من عهود قديمة) منها؛ “امْعَادَرْ أَمْ اَلشَّوْفَ” (نسبة إلى تموقعها في أحوازها) وبها آبار بعضها حفرته جماعات من قبائل أيتوسى وقبائل الرگيبات، و”امْعَادَرْ أَمْ الرّْوَاحَلْ” و”امْعَادَرْ تِيغِسِّيتْ” وقد كانت تحرثهما على التوالي؛ أيت إيدر وإداوتيا، و”امْعَادَرْ تَالْغَأزيتْ” وكانت تحرثهما أيت بوجمعة، و”امْعَادَرْ آخْزَانْ” التي كانت تحرثها ومازالت مجموعات قبلية من ذاك السكان، وتذكر الرواية أنها قامت مجموعة من الأفراد نذكر منهم على سبيل المثال: المرحوم امحمد ولد ملد والمرحوم أحمد مولود الإيداوتيين، والمرحوم احمد سالم ولد بوجمعة الكبش والمرحوم محمد ولد الراحل والمرحوم احجيبة ولد سالم البوجمعاويين باستصلاحها وحرثها من “فَمْ أَمَطِّي” غربا وحتى “مَرْسْ عَيْشَةْ اَلصَّالْحَةْ” شرقا، وقد كان منتوج غلّ حصاده خلال فترة الستينيات كبيرا ومهما تَمَّ تخزين الكثير منه بالمرس المذكور… ثم “امْعَادَرْ مَرْسْ جَاعَة وَلد اعلي” بذات الشريط تحرثها “آجواكين” وبالقرب منه “مَرْسٌ” كبير مازال قائما حتى الآن  إلخ…

وهكذا تختفي الفَدَادِين (لَمْعَادَرْ) من هذه الجهة الغربية للشريط إلى أن تظهر عند “أَلرُّوس أَلْعُوجْ”، حيث شواهد عدد منها هناك (اْمَعَاَرْ اَلرُّوسْ اَلْعُوجْ)، كانت تحرثه بعض العشائر والمجموعات القبلية منها “أهل حمو واعلي” وغيرهم، ثم  “امْعَادَرْ تِيسَلْبَةْ” (وتِيسَلْبَةْ هاته اصطلاح محلي يطلق على تُوفْلِيتْ) في منطقة “رَگْ لَبْيَاظْ” والتي بها فَدَادِين كثيرة رسومها وأخاديدها مازالت قائمة، كانت تحرثها عشائر وأسر من لفيف المنطقة القبلي وتحوز بعضها رسوم تملكياته إلى اليوم، منها معدرين آثارهما بارزة؛ الأول لجد أهل حماد اسغير وهو المرحوم “احماد ولد مبارك البوجمعاوي”، والثاني لجد أهل الكبش وهو المرحوم “بوجمعة ولد محمد ولد علي” إلخ… وعلى مقربة من هذا الموضع توجد أضرحة ومقابر لأجداد بعض الأسر منها “ضريح احماد ولد امبارك اسغير البوجمعاوي” جد أهل احماد… إلى جانب “امْعَادَرْ تِيمَگْلَايْ” أيضا وكان إحداها لجد أهل عنطر الگوراري وجد أهل اعبيد البوجمعاوي وغيرهم… و”امْعَادَرْ آفْرَا” التي كانت تحرث مناحي منها عشائر ومكونات قبلية من أيت أوسَ والرگيبات، أشهرها “مَعْدَرْ اَلْبَادْ” (الذي يروج في أصول نسبه (الباد) رأيان؛ قول بأنه رجلٌ أيتوسى (من إداونجيت) وقول بأنه رجل أرگيبي (من لبيهات)، و”امْعَادَرْ وَيْنْ زَمْرَانْ” التي كانت هي الأخرى يحرثها اللفيفين القبليين بنوع من التساكن والتجاور، وقد حفر بمصب “فَمْ وَيْنْ زَمْرَانْ” المرحوم بها “محمد ولد بيبوط البوجمعاوي” (جد أهل بيبوط) رفقة موالي له (عبيد) وخدام استجلبهم -لذات الغاية- من “أَمْغَيْمِيمَةْ” إلى هناك “بئرا” مشهورة، كانت أحد “مَعَاطِنِ” بدو الساقية الحمراء ولبطانة الرئيسة إلى حين قدوم الإسبان وإقدامهم على نصب محرك آلي عليه للرفع من منسوب ضخ المياه وتلافي أنضاء طول عمق البئر (وتوجد على مقربة من ضفة المكان روضة بها أفراد من بني عمومته منهم المرحوم احمدناه ولد بوجمعة ولد الكبش البوجمعاوي…. و”امْعَادرْ فَمْ آغْرَيَّنْ” بـ “آفرا” كذلك وبه فدّان (مَعْدَرْ) كان يحرثه المرحوم بوجمعة ولد محمد ولد علي الكبش (جد الأسرة الكبير) إلخ…

فهذه الحقول و”الأمراس” المتمايزة في طولها وعرضها تعد آثارا دالة على مزاوجة أهل المنطقة للنشاط الزراعي من جهة، والنشاط الرعوي وغيره من جهة ثانية، ولهم في ذلك مآثر وشواهد ما زالت قائمة…

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.