
تعيش بلادنا فترات توهجها الرياضي على عدة مستويات في وقت تحولت فيه جامعة كرة القدم المغربية إلى مرساة للمهنية و التدبير الناجح للعبة.
على غرار أكثر من ورش تنموي شهدته و تشهده برامج السياسات العمومية و في مقدمتها قطاع الشباب و الرياضة و التنشيط الترابي الذي عرف الاهتمام بمنشآت القرب و من بينها الملاعب الرياضية على مستوى أحياء مدينة أكادير على سبيل المثال.
تشكل هذه المساحات المدعومة بعشب صناعي واجهة رياضية تؤثت المشهد الانساني في وسط تحاصره البنايات الإسمنتية من كل جانب و ضغوط الحياة و إكراهاتها الاجتماعية.
ملاعب لاقت استحسانا كبيرا من طرف الساكنة، لما تمثله لفئات عمرية صغيرة من متنفس آمن بعيدا عن جدران الشقق السكنية، و فرصة لمداعبة كرة القدم بشكل جماعي يزيد من ارتباط الإنسان بمحيطه العمراني و توطيد علاقات اجتماعية متينة بين الفرد و المجتمع.
تسجل هذه الملاعب الرياضية إقبالا كبيرا، خلال أوقات الدروة بالمساء و في عطلة نهاية الأسبوع تنضاف إليها فترات الدوريات الموسمية، أمر دفع القائمين على منشأة حي الهدى على سبيل المثال إلى تعديل برنامج المشاركات المجانية على نحو متتالي حتى يرضي الجميع على حد قول القائم على تسيير هذه المنشأة الرياضية.
ما يثير الإستغراب هو الفترة المخصصة للأطفال الصغار سواء من أبناء الحي و هي فئة هشة و لا تتحمل قيض الظهيرة من حرارة النهار.
الامر الذي جعلني أتساءل عن هذا السلوك غير المبرر في حين الفضاء الرياضي يتوفر على ثلاثة ملاعب متساوية و يستقبل كل يوم من يقوم بالحجز سلفا، و لهذا فإنك تنصدم دائما بملاعب قريبة من حيث الموقع بعيدة من حيث الواقع.
الذي رأى أن أبناء ساكنة الهدى من الأطفال دون الخامسة عشر إلى حدود الست سنوات، بعد أسبوع من الإغلاق و الحجز المسبق لأرضية ملاعب أصبحت مسيجة في وجوههم لا يستحقون سوى الهجير من أوقات تبلغ فيها درجة حرارة النهار دروتها، حيث لا أحد يستطيع الوقوف في الشمس ناهيك عن اللعب فيها.
الوقت الذي يمنح لأطفال لا يناقشون تأثيره على صحتهم بقدر ما يفرحون بحصولهم أخيرا على مساحة زمنية تبدأ من الساعة الـ 12 من منتصف النهار إلى الرابعة بعد زوال يوم واحد من الأسبوع هو يوم الأحد.
الأمر الذي سيتحول إلى ساعات في جحيم يوم تكاد حرارته تبلغ مستويات لا يتحملها الكبار فما بالك بفئة عمرية صغيرة و مع ذلك لا تتحفظ أبداً، حيث تراها تركض في جنبات الملاعب في حين الكرات تختلط بالسيارات المارة بالقرب من المكان.
يقال بأن من حسن إدماج بنية ما ضمن محيطها هو انفتاحها الجيد على الساكنة أولا و اعتمادها مبدأ تقوية هذه الرابطة مع من يهمهم ما تقوم على تقديمه تلك البنيات الرياضية من بين ساكنة الحي تحديدا لسبب بسيط هو حرصها على تدبير و إنجاح مشروع القرب قبل الرياضة حتى.
ما جعلني أتساءل حول كيف تدار هذه المنشآت الحيوية في غياب مفهوم القرب و الإستطاعة في وجه أطفال يهربون من الفراغ إلى الفراغ و انتظار ساعات القتل تلك، لأن في الحرارة تشوى الجلود و الوجوه و الأدمغة كذلك.
مع أن الرياضة ليست كذلك و لم تك يوما بمثل هذا السوء الذي يلغي العقل و يُجرد هؤلاء الأطفال المحرومين من ساعة لعب في أوقات مناسبة تحفظ لهم صحتهم و شغفهم الكبير باللعبة.
أحيانا نتحول ببعض قراراتنا المغيبة للواقعية إلى تصدر قائمة الأكثر غباء و اللا إنسانية، حيث نُصَّعب الأشياء على رواد صغار شاءت أقدارهم أن يعيشوا في زمن مسؤولين لا يتمتعون بمنظور شامل لمشاريع القرب هذه و الغاية الأولى من إنشائها في وسط تحاصره البنايات الإسمنتية و جشع اللاعبين الكبار في فهمهم الأحادي لمسألة القاسم المشترك.
أخشى أن يأت يوم ترتفع فيه أصوات تلك الأحياء ضد تحول تلك الفضاءات من مناطق خضراء مندمجة إلى أماكن تنتج الضجيج و الكلام البديء و ما إلى ذلك من خلل لا رياضي.