البنت تقرا آه.. ولكن حدها السادس

وادنون تيفي20 يوليو 2025
البنت تقرا آه.. ولكن حدها السادس
كاتب مشاغب

مؤخرا.. عاد للظهور والتداول في حلقيات النقاش.. موضوع مكانة الفتاة في المجتمع.. مستقبلها.. دراستها.. زواجها.. عنوستها.. و..و.. وبقدر ما هو نقاش مجتمعي صحي.. يتيح لنا معرفة عقليات بعضنا البعض.. ومدى تطورها ومسايرتها للواقع المعاش.. هو أيضا.. من الجانب الآخر.. نقاش يعبر عن مدى تقوقع فئة كبيرة منا.. فئة تشد بالنواجد على الجانب الرجعي/المتخلف من ذواتها.. فالكل مجمع.. إلا من رحم ربي.. خصوصا في نقاشاتنا الافتراضية.. أن البنت ما وجدت أو خلقت إلا تكملة لحياة الرجل.. لخدمته.. للسهر على راحته.. فهي صفر على الشمال.. وما عليها إذا ما بلغت أو قاربت العشرين إلا أن “تشنق على أي راجل شمت فيه ريحة انه باغي المعقول/الزواج”.. وهي في الحقيقة نقاشات وأراء بيزنطية أصحابها يتحصنون خلف شاشات هواتف تحميهم من صدمة الواقع الذي تجاوز وبسنين ضوئية هذه الرؤى القادمة من “عام البون”.. فالواقع حسم من مدة هذا الأمر.. فقرون وقرون والمرأة تعيش تحت رحمة الرجل.. ودراسة المرأة.. وعملها.. واستقلاليتها المادية أصبحت مسلمة.. وحتى الأمهات والجدات.. ربات البيوت اللواتي يضعهن البعض مثالا ونبراسا للسير على منواله.. هن أنفسهم “كيدافعو باش بناتهم يتحركو ويخدمو ويديرو لفلوس”.. ولا يقعن في الخطأ نفسه.. تجد الواحدة منهن تنصح ابنتها “قراي ابنتي وخدمي والزواج غادي يجي غادي يجي”.. في الوقت نفسه أن ابنها يبحث عن زوجة تكون صورة لأمه.. “باغي بنت فالعشرينات.. تكون نسخة للام دياله لي فالستينات”.. منطق غريب تنكسر أمامه كل المسلمات التي تقول بالتطور والتغيير..

بل حتى البعض من الرجال/الآباء.. وأمام انحسار صفة الرجولة.. وتقزمها في شخصية الذكور.. وانعدام الثقة في “زواج اليوم”.. ومعرفتهم ب”قوالب الرجال”.. فهم أيضا أول من يشجع.. ويدفع بابنته للاجتهاد.. والمثابرة.. ومحاربة كل الصعاب ليراها في المستقبل كما يتمنى.. فهو بعينه يشاهد المحامية والأستاذة والبوليسية والموظفة والطبيبة وسيدة الأعمال و.. و.. “فعلاش لا ما تكونش بنته وحدة منهم”.. فالآباء وأيضا الأمهات.. وبتجربتهم.. ومعرفتهم بالواقع.. يعرفون انه كما يوجد زواج.. يوجد أيضا طلاق.. ولا احد يريد لابنته التشرد “إلى خطاها الراجل”.. فالاستقلالية المادية تعطيه الاطمئنان عليها.. هي نظرة براغماتية نعم.. ولكنها أيضا هي ردة فعل على تغول وتجبر وتسلط فكر ذكوري آخذ في التمدد.. فكر “عزيز عليه يشوف لمرا مكرفصة ومقهورة وباين عليها الفقر وسوء التغذية”.. فالمرأة عنده لا تكون مغربية وحرة وتستحق التصفيق ولقب زوجة وأم إلا إذا كانت “تحت الصباط”.. ولكن مجرد أن تلك المرأة نفسها تحقق ذاتها.. تدرس وتنجح وتعمل وتضمن لنفسها سبل الراحة.. فرحة.. متحررة.. تمتطي أخر ماركات السيارات.. تسافر ضمن قوافل “فواياج اوركانيزي”.. فهي تصبح في نظرهم -إذا فعلت ذلك- امرأة “خاسرة’.. لا تستحق لقب زوجة وأم..

فالرجل المغربي.. والشرقي عموما.. بطبعه يخاف المرأة المستقلة.. صاحبة الشخصية القوية.. “كتخلعهم”.. تشكل تهديدا على رجولتهم.. صاحبة كلمة وإرادة حرة.. وغير قابلة للترويض.. زد على ذلك أن اغلب هؤلاء الرجال.. زرعت فيهم أمهاتهم.. مع الرضاعة.. فكرة التفوق على الجنس الآخر/الأنثى.. يكبر وينمو وسط تمييز اسري مرضي بين البنت والولد.. وتزرع في عقله انه “ألف وحدة تتمناه”.. فقط لأنه ذكر.. ولا شيء غير ذلك.. ونتيجة لذلك تجد عندنا شباب عصري مواكب للتطور.. يلبس آخر صيحات الموضة.. يتابع المشاهير.. عنده “كونط نتفليكس” يطل من خلاله على الغرب الكافر.. ولكن كل هذا مع أفكار ومواقف مستمدة من قرون مضت.. هذا ما يجعلهم.. وفي موقف دفاع عن امتيازات رمزية.. يقفون أمام كل ما هو في صالح المرأة.. لأنهم يفترضون أن تطورها هي أيضا ووعيها.. سيكون على حساب وضعهم الاجتماعي الاعتباري..

لهذا.. يجب تشجيع نساءنا على الاجتهاد.. المثابرة.. وتحقيق الذات.. لأننا بذلك نضمن أيضا أما أكثر وعيا.. لها أيضا شروطها الخاصة في زوج المستقبل.. ولا تنتظر فقط متى يظهر “زين العفطة”.. نبتعد عن مقولات البعض من بناتنا “الله يعطيني شي نقرة فين يغبر نحاسي”.. وفي الأخير تصبح هي النحس بعينه.. وزوجها أكثر نحسا منها.. تجاوزنا واقعيا عصر “مسكين تزوج مسكينة”.. ونحن واقعيا في صفحة جديدة من علاقة المرأة والرجل.. صفحة عنوانها.. “قاري تزوج قارية”..”واعي تزوج واعية”.. مع افتراض النجاح والفشل في جميع العلاقات.. كيف ما كانت.. المهم هو ضمان مستقبل مليء بالنجاح والفرحة والتفرد للمرأة المغربية.. فهي ليست.. ولن تكون “بلارج”.. “ولي بغى ليها تمارة والهم.. الله يعطيهم ليه”..

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.