حين تشكو الثقافة لربها ظلم العباد.. وزيري الثقافة والميزانية يوقعان على ضرب آخر مسمار في نعش الثقافة والمثقفين بالمغرب

وادنون تيفي20 يونيو 2025
حين تشكو الثقافة لربها ظلم العباد.. وزيري الثقافة والميزانية يوقعان على ضرب آخر مسمار في نعش الثقافة والمثقفين بالمغرب
وادنون تيفي:حسن الخباز
وادنون تيفي:حسن الخباز

يبدو ان وزارة الثقافة ببلادنا تحارب الثقافة بما استطاعت من قوة ومن رباط الخيل، فخلال السنة الاخيرة اصبح استغلال المركبات الثقافية يتطلب دفع رسوم متراوحة بين الف وخمسة آلاف درهم .

وعلى الجمعيات الراغبة بتنظيم انشطة ثقافية ولو بالمجان ان تدفع هذه الرسوم، فالقاعة المجهزة بالكراسي الثابتة ومكبر الصوت يصل مبلغ كرائها لساعات خمسة آلاف درهم، وبالنسبة للقاعات التي لا تتوفر إلا على كراسي قليلة جدا ولا تتوفر فيها ادنى شروط ننظيم نشاط ثقافي فكراؤها لا يقل عن ألف درهم .

وشخصيا، كرئيس لجمعية ثقافية أعاني الأمرين بهذا الخصوص كل سنة عند حلول موعد تنظيمي المهرجان الدولي لتجويد القرآن او موعد المهرجان الدولي للشعر والزجل ، واضطر للبحث عن قاعة تستقبل أنشطة الجمعيات بالمجان .

المؤسف، أنه كل سنة يقل عدد القاعات المجانية وتنضاف قاعات جديدة للائحة المسارح التي تفرض رسوما على الجمعيات الراغبة بتنظيم انشطة ثقافية او فنية …

خلاصة الأمر أن الثقافة بالمغرب تشكو لربها ظلم العباد، ويجب وضع حد لهذا النزيف الذي يقتل الثقافة يوما عن يوم، فعوض أن تشجع الدولة الثقافة والمثقفين وتوفر لهم كل الظروف للإبداع تفرض قيودا مستمرة على حرية الإبداع .

قرار فرض الرسوم صدر رسميا في الجريدة الرسمية في التاسع من الشهر الجاري وقد وقعه كل من وزير الثقافة ووزير الميزانية، ويحدد تعريفة أداء بعض الخدمات التي تقدمها الوزارة بمقابل أجر مادي .

قرار الوزيرين بمثابة ضرب آخر مسمار في نعش الثقافة والمثقفين في المغرب، بعدما انتظر المثقفون دعمهم وفتح مجال الإبداع امامهم ، يصدمهم وزير الثقافة بفرض ضريبة تمنعهم من الإبداع .

قرار الوزيرين يفرض رسوم كراء مرتفعة مقابل استغلال عدد من القاعات الثقافية، حيث حُددت في المادة الأولى تعريفة استعمال رواق قصبة الأوداية، وقاعة باحنيني بالرباط، ومسرح تازة، والمركز الثقافي بني مكادة بطنجة.

حيث اصبح استغلال فضاءات قصر الثقافة والفنون بطنجة يكلف ثلاثين الف درهم لتقديم العروض، أو 7000 درهم مقابل استغلال القاعات الصغرى. فيما يصل كراء قاعة المؤتمرات إلى 5000 درهم، بينما يكلف استعمال القاعة متعددة الاستعمالات 30 ألف درهم مع كافة التجهيزات أو 20 ألف درهم دون تجهيزات ، وهذه هي التسعيرة الجديدة حسب آخر قرار وزاري .

كما ان التشكيليين، فوجئوا بتحديد رسوم عرض لوحاتهم في هذا الفضاء ما بين 3000 درهم لليوم الواحد و17400 درهم لأسبوع كامل، وهي مبالغ تفوق قدرات غالبيتهم .

هذا لا يبشر بالخير، ويجب تدخل الملك لوقف حد لهذا التسيب وهذه النية المبيتة لمحاربة الثقافة والإبداع، والادهى والأمر أن من يحارب الثقافة هو من يفترض أن يكون أول داعم لها .

يقال ان الغنم تبقى خائفة طيلة حياتها من الذئب لكنها لا تعلم أن راعيها هو أول وأخطر ذئب يهددها دون أن تشعر، وهو ما فعل الوزير الوصي على قطاع الثقافة بالمثقفين والمبدعين عبر قراره الصادم .

القرار الوزاري الأخير ووجه برفض تام من المثقفين واستنكره كل المتابعين للشأن الثقافي بالمغرب وهو إن دل على شيء فإنما يدل على أن الثقافة تأتي في آخر ترتيب سلم الأولويات بل ويأتي خارج المعادلة .

لقد كنا كجمعويين نستفيذ من حق استغلال كل القاعات المغربية بالمجان إن كانت أنشطتنا مجانية أو بفرض نسبة 15 بالمائة على أنشطتنا التي تكون بمقابل مادي وبالتذاكر، لكن في السنوات الأخيرة تغير الأمر بل وانقلب رأسا على عقب، ومازلنا لا ندري ما السبب .

من يحارب الثقافة في هذا البلد السعيد، من يسعى لهدم صرح الفن بعدما صارت لدينا معاهد كبرى متخصصة في التكوين الاكاديمي، من يحتوي هذه الكفاءات بعد تخرجها، إلى متى يستمر هذا العبث الذي لا يرضاه اي مغربي حر …

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.